للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ابن حكيم، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: لما توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قلت لرجل من الأنصار: هلم نسأل أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإنهم اليوم كثير، فقال: واعجبًا يابن عباس! أترى الناس يحتاجون إليك، وفي الناس من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- من ترى؟ فتركت ذلك وأقبلت على المسألة، فإن كان ليبلغني الحديث عن الرجل، فآتيه وهو قائل، فأتوسد ردائي على بابه، فتسفي الريح عليَّ التراب، فيخرج فيراني، فيقول: يابن عم رسول الله! ألا أرسلتَ إليَّ فآتيك؟ فأقول: أنا أحق أن آتيك، فأسألك، قال: فبقي الرجل حتى رآني وقد اجتمع الناس عليَّ، فقال: هذا الفتى أعقل مني١.

روى محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن ابن عباس قال: وجدت عامة علم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند هذا الحي من الأمصار، إن كنت لآتي الرجل منهم، فيقال: هو نائم، فلو شئت أن يوقظ لي، فأدعه حتى يخرج لأستطيب بذلك قلبه٢.

- تثبته في العلم:

كان ابن عباس -رضي الله عنه- معروفًا بالتشدد في قبول الرواية، وأخذ العلم من الصحابة -رضي الله عنهم- فقد روى يزيد بن إبراهيم، عن سليمان الأحول، عن طاوس، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: إن كنتُ لأسأل عن الأمر الواحد ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم٣.

- علمه وفقهه:

لقد بلغ علم ابن عباس -رضي الله عنهما- وفقهه مبلغًا يثير الدهشة والإعجاب، وذلك


١ طبقات ابن سعد "٢/ ٣٦٧، ٣٦٨"، المستدرك "٣/ ٥٣٨"، وصححه ووافقه الذهبي، وأورده الهيثمي في "المجمع" "٩/ ٢٧٧" وقال: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
٢ سير أعلام النبلاء "٣/ ٣٤٤"، وطبقات ابن سعد "٢/ ٣٦٨"، وأخرجه البلاذري "٣/ ٣٤، ٣٥" بسند حسن، ولفظه عند الأخيرين: لو شئت أن يوقظ لي لأوقظ فأجلس على بابه تسفي الريح على وجهي التراب حتى يستيقظ متى استيقظ فأسأله عما أريد ثم أنصرف.
٣ سير أعلام النبلاء "٣/ ٣٣٤"، وقال الذهبي: "إسناده صحيح".

<<  <   >  >>