للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عائشة -رضي الله عنها- من إيذائه، معللًا ذلك بأن الوحي كان ينزل عليه في لحافها دون غيرها من نسائه، فقال صلى الله عليه وسلم: "فإنه والله ما نزل عليه وهو في لحاف امرأة منكن غيرها" ١.

وقد تعددت بذلك مناقبها وفضائلها، وقد جمع لها الزركشي في كتابه "الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة" أربعين منقبة لها وحدها لم تشترك معها فيها امرأة من نساء النبي صلى الله عليه وسلم.

وهذه الأفضلية كان النبي -صلى الله عليه وسلم- حريصًا على بيانها للناس؛ ليعرفوا قدرها فقال كما روى البخاري: "كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران، وآسية امرأة فرعون، وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام" ٢.

ويعلق الإمام الذهبي على هذا الحديث بقوله: "وقرائن تدل على أن هذه الأفضلية بأمر إلهي، وإن هذا من أسباب حبه -صلى الله عليه وسلم- الشديد لها"٣.

وقد أدرك الناس مكانة عائشة عند النبي -صلى الله عليه وسلم٤- وقبيح كل مَن ينال منها، كما صرح بذلك عمار بن ياسر وهو يرد على رجل نال من عائشة بقوله: "اغرب مقبوحًا، أتؤذي حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! "٥.

- سعة علمها رضي الله عنها:

لقد وهبها الله تعالى ذكاء وذاكرة قوية وحفظًا سريعًا، فقد نشأت في بيت أبي بكر -رضي الله عنه- وعاشت في بيت النبوة، ونهلت من المعين النبوي الصافي، وعُرِفت


١ صحيح البخاري "٣/ ٦٣"، فضائل الصحابة، فضائل عائشة، عن عائشة - حديث رقم "٣٧٧٥".
٢ صحيح البخاري "٤/ ١٨٩٥"، فضائل الصحابة، فضائل عائشة عن أنس - حديث رقم "٢٤٦".
٣ انظر: سير أعلام النبلاء "٢/ ١٣٧".
٤ راجع: صحيح البخاري "٣/ ٦٣"، فضائل الصحابة، فضائل عائشة، من حديث عائشة رقم "٣٧٥٥". وفيه قصة، وقد رواه الحاكم مختصرًا بنحو اللفظ المذكور هنا، وقال: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي "المستدرك ٤/ ١٠".
٥ سنن الترمذي "٥/ ٧٠٧" كتاب المناقب، باب فضل عائشة رضي الله عنها - حديث "٣٨٨٨". وقال الترمذي: هذا حديث حسن.

<<  <   >  >>