للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالتطلع الواسع إلى الاستفادة من العلم والفَهْم، فكانت كثيرة السؤال والاستفسار، شديدة التمحيص والتنقيب، وقد شهد لها بذلك الأكابر، فعن أبي مليكة -رضي الله عنه- قال: "إن عائشة كانت لا تسمع شيئًا إلا راجعت فيه حتى تعرفه"١.

- علمها بالقرآن:

لقد كانت رضي الله عنها -وهي صبية تلعب- تسمع الآية من القرآن فتحفظها وتضبط مكان نزولها ووقت النزول؛ حيث تقول: لقد نزل بمكة على محمد -صلى الله عليه وسلم- وإني لجارية ألعب: {بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ} [القمر: ٤٦] ، وما نزلت البقرة ولا النساء إلا وأنا عنده٢.

ثم بعد أن انتقلت إلى البيت النبوي حضرت الكثير من نزول القرآن، وإن الوحي كان ينزل على النبي -صلى الله عليه وسلم- في لحافها؛ لذلك وصفت أحواله حين نزول الوحي عليه٣، الأمر الذي جعلها تلتقط الآية من فم النبي -صلى الله عليه وسلم- فتحفظها وتعي الأحكام والمقاصد٤، فجمعت إلى حفظ القرآن معرفة معانيه وتفسيره، فأصبحت من كبار المفسرين للقرآن الكريم، وساعدها على ذلك معرفتها باللغة العربية وأشعارها وآدابها٥، وكان لها مصحف خاص بها جمعت القرآن إلى تفسيره؛ ولذا كان بحجم المصحف ثلاث مرات٦.

- علمها بالحديث رضي الله عنها:

لقد كانت -رضي الله عنها- من كبار المحدثين المتميزين، وحُفاظ السنة المتقنين الضابطين،


١ صحيح البخاري "١/ ٥٤" كتاب العلم، باب من سمع شيئًا فراجع فيه حتى يعرفه، عن ابن أبي مليكة "١٠٣".
٢ صحيح البخاري "٣/ ٣٠١" كتاب التفسير، تفسير: {بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ} عن عائشة "٤٨٧٦".
٣ صحيح البخاري "١/ ١٣، ١٤"، كتاب بدء الوحي، عن عائشة "٣٠٢".
٤ كانت عائشة تقول: "إن الآية تنزل علينا في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فنحفظ حلالها وحرامها وأمرها وزجرها ... ". انظر: أعلام النساء، رضا كحالة "٣/ ١٠٦"، مؤسسة الرسالة بيروت.
٥ كانت عائشة تقول: "رويت للبيد ألف بيت" سير أعلام النبلاء، الذهبي "٢/ ١٤٠".
٦ الإتقان في علوم القرآن، السيوطي "١/ ٩٦"، المكتبة الثقافية، بيروت، لبنان.

<<  <   >  >>