للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ابتلوا أيضًا بشرذمة انتسبوا لأهل الحديث، منهم المرتزقة والقصَّاصون والذين يتكسبون بالحديث، والجهلة بأحكام الشرع وأمور الدين.

وقد عاصرت هذه الفئة الضالة المحنة فاستغلتها أحسن استغلال، فأصبح أمام المحدثين عبء آخر يتمثل في محاربة الوضاعين من الزنادقة والقصاصين في هذه الفترة مستغلين انشغال العلماء بهذه المحنة.

ومما يحمد للمحدثين في المحنة سلامة موفقهم حيث الإمساك عن الخوص في مسألة خلق القرآن وغيرها، فأغلقوا بذلك أبوابًا من الشر لا نهاية لها؛ منها: استدراجهم إلى عقائد المعتزلة خاصة، وهم بموقفهم هذا حافظوا على الالتزام بمنهج السلف الصالح، فجزاهم الله عن الدين وأهله الجزاء الأوفَى.

- نتائج محنة خلق القرآن على الحديث والمحدِّثين:

نوجز هذه النتائج فيما يلي:

أولًا: السمو بمكانة المحدثين الذين أبوا إلا اتباع منهج السلف وعدم الخوض في هذه المسائل، وفي المقابل الحط من مكانة الذين خاضوا فيها.

ثانيًا: وضع الأحاديث، واختلاق الروايات من قِبَل أهل الأهواء والزنادقة والكذابين والمارقين عن الدين، ومن ذلك روايتهم عن أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من قال: القرآن مخلوق؛ فقد كفر"١.

وروايتهم عن أنس -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "كل ما في السماوات والأرض وما بينهما مخلوق غير الله والقرآن؛ وذلك أنه كلامه، منه بدأ، وإليه يعود، وسيجيء أقوام من أمتى يقولون: القرآن مخلوق فمن قاله منهم فقد كفر


١ الموضوعات لابن الجوزي "١/ ١٠٧" كتاب التوحيد، الباب الأول: باب في أن الله عز وجل قديم، بسنده عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- مرفوعًا، وقال: هذا حديث لا يصح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال الدارقطني: محمد بن عبيد يكذب، ويضع الحديث.

<<  <   >  >>