للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المستقيم، وكل ما يأمر به الرسول -صلى الله عليه وسلم- إنما هو بهدى من هذه الأصول، وتطبيق لحكمتها العامة، أو إلحاق بفرع من الفروع التي نص الله -عز وجل- في كتابه على أصولها.

فمثلًا ما ورد في السُّنَّة من تحريم لحوم الحُمُر الأهلية، وكل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطير -له أصل في كتاب الله عز وجل، قال تعالى: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: ١٥٧] .

فالرسول -صلى الله عليه وسلم- عَلِمَ بوحي من الله تعالى أن مثل هذه اللحوم من الخبائث فحرمها على المسلمين. وما ورد من تحليل لحوم الأرنب والضب أصله في الآية السابقة، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- نص على تحليله؛ لأنه عَلِمَ أنهما من الطيبات التي أحلها الله عز وجل: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ} [الاعراف: ١٥٧] .

والرسول -صلى الله عليه وسلم- حرم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها؛ لأن مثله قد حرمه الله -وهو الجمع بين الأختين- في كتاب الله عز وجل، فالمصلحة فيها جميعًا واحدة؛ وهي قطع صلة الرحم، وبث عوامل التفكك في الأسر التي يريد الإسلام لها أن تتماسك وتتراحم؛ ولهذا نص صلى الله عليه وسلم على هذه المصلحة عندما نهى عن الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها فقال: "فإنكم إن فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم" ١.

ولكل من هؤلاء وأولئكم حجته٢؛ ولكن الذي يهمنا هنا أمران:

الأمر الأول: أن ما جاءت به السُّنَّة من هذا القبيل واجب الاتباع، وهو ما يعترف به الفريقان مع اختلاف وجهتي نظرهما في كونه مندرجًا تحت ما جاء به صلى الله عليه وسلم في كتاب الله عز وجل أو جديدًا لم ينص عليه فيه.

الأمر الثاني: أن السُّنَّة على كلتا الوجهتين أضافت شيئًا نحن في حاجة إليه


١ أصول التشريع الإسلامي "ص٤٨" طبعة دار المعارف، والحديث أخرجه عبد الرزاق في مصنفه "٦/ ٣٦٢" بلفظ: "فإنهن إذا فعلن ذلك قطعن أرحامهن".
٢ الاتجاهات الفقهية للدكتور عبد المجيد محمود "ص١٦٠-١٨٤".

<<  <   >  >>