للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سواء أأسميناه بيانًا أم جديدًا، ولن نستطيع أن نهتدي إليه من عند أنفسنا، ومن غير هدى من نبينا صلى الله عليه وسلم.

ويبين الإمام ابن تيمية: لماذا يجب علينا اتباع الرسول -صلى الله عليه وسلم- اتباعًا مطلقًا فيقول: "الحديث النبوي عند الإطلاق ينصرف إلى ما حدَّث به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد النبوة من قوله وفعله وإقراره، فإن سنته ثبتت من هذه الوجوه الثلاثة، فما قاله إن كان خبرًا وجب تصديقه به، وإن كان تشريعًا -إيجابًا أو تحريمًا- وجب اتباعه فيه، فإن الآيات الدالة على نبوة الأنبياء دلت على أنهم معصومون فيما يخبرون به عن الله -عز وجل- فلا يكون خبرهم إلا حقًّا، وهو يتضمن أن الله ينبئه بالغيب، وأنه ينبئ بالغيب، والرسول مأمور بدعوة الخَلْق وتبليغهم رسالات ربه"١.

قال فضيلة الدكتور رفعت فوزي٢: "وقد يسأل بعضنا هذا السؤال: لماذا لم يحتوِ كتاب الله -عز وجل- تفصيلًا على مثل هذه الأمور التي تركها لبيان الرسول صلى الله عليه وسلم؟

والجواب: أن كتاب الله -عز وجل- لو اهتم بهذه التفصيلات لاستطال استطالة تجعل من الحرج على المؤمنين أن يستقصوه، ويحفظوه، ويرتلوه، وكل هذا واجب عليهم، هذا بالإضافة إلى أنه كتاب هداية يضم كل ما يهدي المؤمنين في كل وقت، ومثل هذه التفصيلات لا أعتقد أن التالي لها -لو كانت في كتاب الله- تشع في نفسه تلك الهداية التي يستشعرها المؤمن في كل آية يتلوها من كتاب الله الكريم.

وأيضًا لإظهار رحمة الرسول -صلى الله عليه وسلم- بأمته، فهو بهم {رَءُوفٌ رَحِيمٌ} كما قال الله -عز وجل- وهذه الرحمة تظهر في بيان كتاب الله حتى لا يترك المؤمنين حَيْرى في فَهْم وتطبيق نصوص كتاب الله العزيز.

وحتى تتحقق القدوة بالرسول -صلى الله عليه وسلم- لا بُدَّ من الاقتناع العقلي، وهذا يتمثل


١ مجموع فتاوى ابن تيمية "١٨/ ٦، ٧، ١٠".
٢ المدخل إلى توثيق السُّنَّة "ص١٦، ١٧".

<<  <   >  >>