للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال فضيلة الدكتور/ رفعت فوزي: وقد سد هذا النقص شراح كتاب مسلم ومحققوه، فوضعوا له الأبواب التي تتلاءم مع معاني الأحاديث فيه١.

وأما من حيث الصحة وقوة الشروط، فإن صحيح الإمام البخاري مقدَّم على صحيح مسلم في هذا الجانب، ويدل على ذلك أمران:

الأول: شهادة جهابذة الحديث، ومن ذلك ما رواه الحافظ ابن حجر عن أبي عبد الرحمن النسائي أنه قال: "ما في هذه الكتب كلها أجود من كتاب محمد بن إسماعيل".

قال الحافظ: والنسائي لا يُعْنَى بالجودة إلا جودة الأسانيد، كما هو المتبادر إلى الفهم من اصطلاح أهل الحديث، ومثل هذا من النسائي غاية في الوصف مع شدة تحريه وتوقيه وتثبته في نقد الرجال وتقدمه في ذلك على أهل عصره حتى قدمه قوم من الحذاق في معرفة ذلك على مسلم بن الحجاج، وقدمه الدارقطني وغيره على إمام الأئمة أبي بكر بن خزيمة صاحب الصحيح.

وقال الإسماعيلي في المدخل له: "أما بعد، فإني نظرت في كتاب الجامع الذي ألفه أبو عبد الله البخاري فرأيته جامعًا، كما سمى لكثير من السنن الصحيحة ودالا على جمل من المعاني الحسنة المستنبطة التي لا يكمل لمثلها إلا من جمع إلى معرفة الحديث ونقلته والعلم بالروايات وعللها، علمًا بالفقه واللغة، وتمكنًا وتبحرًا فيها، وكان -يرحمه الله- الرجل الذي قصر في زمنه على ذلك، فبرع، وبلغ الغاية، فحاز السبق، وقد نحا نحوه في التصنيف جماعة منهم مسلم بن الحجاج، وكان يقاربه في العصر، فرام مرامه، وكان يأخذ عنه، أو عن كتبه، إلا أنه لم يضايق نفسه مضايقة أبي عبد الله، وروى عن جماعة كثيرة لم يتعرض أبو عبد الله للرواية عنهم، وكل قصد الخير، غير أن أحدًا لم يبلغ في التشدد مبلغ أبي عبد الله، ولا


١ كتب السنة "ص١٩٦"، وقال في الهامش: ولعل أكثرهم دقة -في وضع التراجم وصياغتها- الإمام النووي عندما شرح كتاب مسلم؛ لأنه اطلع على ما فعله العلماء، وتلافى نقص صنيعهم "شرح مسلم ١/ ١٦".

<<  <   >  >>