للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كتاب أصح من كتاب مسلم بن الحجاج" لا ينافي ما تقدم، فقد قال الحافظ ابن حجر: الذي يظهر لي من كلام أبي علي أنه إنما قدم صحيح مسلم لمعنى غير ما يرجع إلى ما نحن بصدده من الشرائط المطلوبة في الصحة؛ بل ذلك لأن مسلمًا صنف كتابه في بلده بحضور أصوله في حياة كثير من مشايخه، فكان يتحرز في الألفاظ ويتحرى في السياق ولا يتصدى لما تصدى له البخاري من استنباط الأحكام ليبوب عليها، ولزم من ذلك تقطيعه للحديث في أبوابه؛ بل جمع مسلم الطرق كلها في مكان واحد، واقتصر على الأحاديث دون الموقوفات، فلم يعرج عليها إلا في بعض المواضع على سبيل الندرة تبعًا لا مقصودًا؛ فلهذا قال أبو علي ما قال. قال: وكذلك ما نقل عن بعض المغاربة أنه فضل صحيح مسلم على صحيح البخاري، فذلك فيما يرجع إلى حسن السياق، وجودة الوضع والترتيب، ولم يفصح أحد منهم بأن ذلك راجع إلى الأصحية، ولو أفصحوا لرده عليهم شاهد الوجود، فالصفات التي تدور عليها الصحة في كتاب البخاري أتم منها في كتاب مسلم وأشد، وشرطه فيها أقوى وأسد١.

الحديث المروي في الصحيحين هل يفيد العلم القطعي أم الظني؟

ذهب ابن الصلاح إلى أن ما رواه الإمام البخاري والإمام مسلم متفقين، أو ما رواه أحدهما منفردًا مقطوع بصحته، ويفيد العلم القطعي لا الظني؛ إلا أنه استثنى قائلًا: "سوى أحرف يسيرة تكلم عليها بعض أهل النقد من الحفاظ كالدارقطني وغيره، وهي معروفة عند أهل الشأن، والله أعلم"٢، قال ابن حجر العسقلاني: "وهو احتراز حسن"٢.

ووافق بعض العلماء ابن الصلاح فيما ذهب إليه ... قال ابن كثير: "وأنا مع ابن الصلاح فيما عول عليه وأرشد إليه"٣، ونقل عن ابن تيمية أنه قال: "هو مذهب أهل الحديث قاطبة ومذهب السلف عامة"٣.


١ شرح نخبة الفكر "ص١٠".
٢ هدى الساري "ص٣٤٦".
٣ اختصار علوم الحديث "ص٣٥، ٣٦".

<<  <   >  >>