للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- ومن حيث إتقان الرواة: يتبين رجحان صحيح البخاري على صحيح مسلم في هذا الباب بعدة أمور١:

أ- إن الذين انفرد البخاري بالإخراج لهم دون مسلم أربعمائة وبضع وثلاثون رجلًا، المتكلم فيه بالضعف منهم "٨٠" رجلًا، والذين انفرد مسلم بالإخراج لهم دون البخاري "٦٢٠" رجلًا، المتكلم فيه بالضعف منهم "١٦٠" رجلًا، ولا شك أن التخريج عمن لم يتكلم فيه أصلًا أولى من التخريج عمن تكلم فيه وإن لم يكن ذلك الكلام قادحًا.

ب- إن الذين انفرد بهم البخاري ممن تكلم فيه لم يكثر من التخريج عنهم، وليس لواحد منهم نسخة كبيرة أخرجها كلها أو أكثرها إلا ترجمة عكرمة عن ابن عباس، بخلاف مسلم فإنه أخرج أكثر تلك النسخ؛ كأبي الزبير عن جابر، وسهيل عن أبيه، والعلاء بن عبد الرحمن عن أبيه، وحماد بن سلمة عن ثابت، وغير ذلك.

ج- إن الذين انفرد بهم البخاري ممن تكلم فيه أكثرهم من شيوخه الذين لقيهم وجالسهم، وعرف أحوالهم، واطلع على أحاديثهم، وميز جيدها من غيره، بخلاف مسلم فإن من انفرد بتخريج حديثه ممن تكلم فيه أكثرهم ممن تقدم عصره من التابعين ومن بعدهم. ولا شك أن المحدث أعرف بحديث شيوخه دون غيرهم.

د- إن البخاري يخرج أحاديث الطبقة الأولى، وهي أعلى الطبقات في الحفظ والإتقان وطول الصحبة لمن أخذوا عنه استيعابًا، وينتقي من أحاديث الطبقة الثانية التي هي دون الأولى في الصفات المذكورة، ومسلم يخرج حديث الطبقة الثانية استيعابًا، وفي أصل موضوع كتابه، فكان البخاري أقوى إسنادًا وأوثق رجالًا.

هذا، وأما ما نقل عن أبي علي النيسابوري أنه قال: "ما تحت أديم السماء


١ راجع هذه الأمور في تدريب الراوي "١/ ١١٢، ١١٣".

<<  <   >  >>