للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اخترناه أولًا هو الصحيح؛ لأن ظن من هو معصوم من الخطأ لا يخطئ، والأمة في إجماعها معصومة من الخطأ ... "١.

وعليه فيكون قول المنتقد متعارضًا مع ما اتفق عليه علماء الحديث، ويكون الطعن مدهشًا حين يُوجه إلى ما اتفق عليه الشيخان، وهو أعلى مراتب الصحيح، قال ابن تيمية: "والبخاري أحذق وأخبر بهذا الفن من مسلم؛ ولهذا لا يتفقان على حديث إلا يكون صحيحًا لا ريب فيه، قد اتفق أهل العلم على صحته"٢.

الخامس: تعارض قول المنتقد مع ما اتفق عليه العلماء المعاصرون للشيخين على صحة الكتابين

لا يختلف اثنان في أن أعلم أهل الحديث دراية وجرحًا وتعديلًا وخبرة بعلل الحديث وطرقه هم الأئمة: يحيى بن معين، وعلي بن المديني، وأبو زرعة الرازي، وأحمد بن حنبل، كما أنهم من أعلم أهل الاستقراء والتتبع وجمع الطرق، وقد كان هؤلاء بمثابة الشيوخ والأقران للإمامين البخاري ومسلم؛ لأنهم كانوا معاصرين لهما، وقد عرض الشيخان صحيحيهما -بعد الانتهاء منهما- على هؤلاء وغيرهم من أئمة عصرهما، فأقروهما وشهدوا لهما بالصحة.

قال أبو جعفر محمود بن عمرو العقيلي: لما ألف البخاري كتاب الصحيح عرضه على أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وعلي بن المديني وغيرهم، فأستحسنوه، وشهدوا له بالصحة إلا في أربعة أحاديث. قال العقيلي: "والقول فيها قول البخاري، وهي صحيحة"٣، وقال ابن تيمية نحوه٤، وقال مكي بن عبد الله: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: "عرضت كتابي هذا على أبي زرعة الرازي، فكل ما أشار أن له علة تركته"٥، وقال الإمام مسلم: "ليس كل شيء


١ مقدمة ابن الصلاح "ص١٤" في النوع الأول.
٢ مجموع الفتاوى "١٨/ ١٩ - ٢٠".
٣ هدى الساري "ص٧" و "ص٤٨٩".
٤ مجموع الفتاوى "١٨/ ١٩"و "١/ ٢٥٦".
٥ هدى الساري "ص٣٤٥".

<<  <   >  >>