القطع بأحاديث الشيخين، منهم: القاضي عبد الوهاب المالكي، والشيخ أبو إسحاق الإسفرائيني، والقاضي أبو الطيب الطبري، والشيخ أبو إسحاق الشيرازي، وابن حامد، وأبو يعلى بن الفراء، وأبو الخطاب، وابن الزاعون وأمثالهم من الحنابلة، وشمس الأئمة السرخس من الحنفية، قال:"وهو قول جمع من أهل الكلام من الأشعرية وغيرهم كأبي إسحاق الإسفرائيني وابن فورك، وأيضًا هو مذهب أهل الحديث قاطبة، ومذهب السلف عامة"١.
الرابع: تعارض قول المنتقد مع ما اتفق عليه من أن أصح الحديث المتفق عليه ثم ما انفرد به البخاري، ثم ما انفرد به مسلم
الإجماع على أن أصح الحديث وأعلى مراتبه ما اتفق عليه الشيخان، ويليه عند الجمهور ما انفرد به البخاري، ثم ما انفرد به مسلم، ثم ما كان على شرطهما.
قال الحافظ ابن الصلاح:"فأولها: صحيح أخرجه البخاري ومسلم جميعًا، والثاني: صحيح انفرد به البخاري؛ أي: عن مسلم. الثالث: صحيح انفرد به مسلم؛ أي: عن البخاري. الرابع: صحيح على شرطهما لم يخرجاه. الخامس: صحيح على شرط البخاري لم يخرجه. السادس صحيح على شرط مسلم لم يخرجه. السابع: صحيح عند غيرهما وليس على شرط واحد منهما. هذه أمهات أقسامه. وأعلاها -أي: أقسام الصحيح- الأول هو الذي يقول أهل الحديث كثيرًا: "صحيح متفق عليه" يطلقون ذلك ويعنون به اتفاق البخاري ومسلم، لا اتفاق الأمة عليه؛ لكن اتفاق الأمة عليه لازم من ذلك وحاصل معه لاتفاق الأمة على تلقي ما اتفقا عليه بالقبول، وهذ القسم جمعيه مقطوع بصحته والعلم اليقين النظري واقع به، خلافًا لقول من نفى ذلك محتجًّا بأنه لا يفيد في أصله إلا الظن، وإنما تلقته الأمة بالقبول؛ لأنه يجب عليهم العمل بالظن، والظن قد يخطئ، وقد كنت أميل إلى هذا وأحسبه قويًّا، ثم بان لي أن هذا المذهب الذي
١ راجع: اختصار علوم الحديث لابن كثير "ص٣٤". ط دار الكتب العلمية، وتدريب الراوي "١/ ١٦٦".