للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"وكل علة أعل بها حديث في أحد الصحيحين جاءت رواية المستخرج سالمة منها، فهي من فوائده، وذلك كثير جدًّا".

والحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى- من أهل الاستقراء والتتبع والتحقيق الدقيق، وله دراية بالصحيح زادت على عشرات السنين، وقوله في هذا الباب حجة معتمدة ... ١.

فإن اتضح سلامة هذه الأحاديث من العلل الموجهة إليها، وذلك من خلال ورودها في هذه المستخرجات، وبان سلامتها من هذه الطعون، وزال اللبس عنها؛ كان ذلك مؤيدًا لما صرح به الشيخان من صحة كتابيهما، وانتفاء العلل عن أحاديثهما.

السابع: كون الشيخين مجتهدين، والمنتقد مقلد

إن مما اتفق عليه أهل العلم بالحديث أن البخاري ومسلمًا -رحمهما الله تعالى- كانا من أئمة المجتهدين في الجرح والتعديل وعلوم الحديث، وتمييز الصحيح من المعلول.

قال الحافظ ابن حجر: "لا ريب في تقديم البخاري، ثم مسلم على أهل عصرهما، ومن بعدها من أئمة هذا الفن في معرفة الصحيح والمعلل، فإنهم لا يختلفون في أن علي بن المديني كان أعلم أهل أقرانه بعلل الحديث، وعنه أخذ البخاري ذلك حتى كان يقول: ما استصغرت نفسي عن أحد إلا عند علي بن المديني، ومع ذلك، فكان علي بن المديني إذا بلغه ذلك عن البخاري يقول: دعوا قوله، فإنه ما رأى مثل نفسه، وكان محمد بن يحيى الذهلي أعلم أهل عصره بعلل حديث الزهري، وقد استفاد منه ذلك الشيخان جميعًا ... "٢.

بينما من جاء بعدهما، فالغالب عليهم التقليد لهما ولغيرهما من أهل


١ مكانة الصحيحين "ص٣٢٣- ٣٢٤".
٢ هدى الساري "١/ ١١٦".

<<  <   >  >>