للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عصرهما؛ وذلك لبعد العهد عن الرواة، وعدم المعاصرة للمجرحين والمعدلين، فينقلون كلام المتقدمين ثم يستنبطون منه القول الذي يعتمدونه، وإذا تعارض كلام المجتهد بكلام المقلد، فإن الأخذ بكلام المجتهد هو الأولى؛ لأن كلام المجتهد لا ينتقض بكلام المقلد١.

ومما يلفت النظر، أن نقد المنتقدين انصب على الأسانيد دون المتون، اللهم إلا في مواضع يسيرة. قال القسطلاني: "إن الدارقطني تتبع على البخاري في أزيد من مائة موضع، ولم يستطع أن يتكلم إلا في الأسانيد بالوصل والإرسال - غير موضع، وهو: "إذا جاء أحدكم والإمام يخطب فليصل ركعتين وليتجوز فيهما ... " فإنه تكلم فيه مما يتعلق بحال المتن، ووجهه: أن الدارقطني يمشي على القواعد الممهدة عندهم فينازعه، من القواعد، وشأن البخاري أرفع من ذلك، فإنه يمشي على اجتهاده، وينظر إلى خصوص المقام وشهادة الوجدان، وإنما القواعد لغير الممارس على حد التحديد للعوام فيما لم يرد به التحديد من الشارع، ورتبتهما أعلى من الكل بعد اختلاف يسير بينهما"٢ أي: البخاري ومسلم، وذكر الحافظ ابن حجر نحوه٣.

فإذا عرف كل ما سبق وتقرر أنهما لا يخرجان من الحديث إلا ما لا علة له، أو له علة إلا أنها غير مؤثرة عندهما؛ اندفعت كل الانتقادات والطعون الموجَّهة إلى الصحيحين جملة.

- وذكر الحافظ ابن حجر العسقلاني أن الأحاديث المنتقدة على الصحيحين تنقسم أقسامًا:

القسم الأول منها: ما تختلف الرواة فيه بالزيادة والنقص من رجال الإسناد،


١ مكانة الصحيحين "ص٣٢٤".
٢ هدى الساري "ص٣٤٥".
٣ راجع: مكانة الصحيحين "ص٣٢٥- ٣٢٦".

<<  <   >  >>