للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإسلام بالموضع الذي خصه الله به؛ بحيث صار حكمًا بين أهل الإسلام، وفصلًا في موارد النزاع والخصام، فإليه يتحاكم المنصفون، وبحكمه يرضى المحققون، فإنه جمع شمل أحاديث الأحكام، ورتبها أحسن ترتيب، ونظمها أحسن نظام، مع انتقائها أحسن انتقاء، وإطراحه منها أحاديث المجروحين والضعفاء"١.

وقال ابن حجر في أبي داود:

فاق التصانيف الكبار بجمعه ... الأحكام فيها يبذل المجهودا

قد كان أقوى ما رأى في بابه ... يأتي به ويحرر التجويدا٢

- كتابه "السنن":

ألف أبو داود كتابه "السنن" في وقت مبكر، وعُني بتأليفه وترتيبه عناية بالغة، وأعاد النظر فيه مرات متعددة.

أما كونه ألفه في وقت مبكر، فيدلنا على ذلك ما ذكره مترجمو أبي داود من أنه روى كتابه "السنن" ببغداد ونقله عن أهلها، ويقال: إنه صنفه قديمًا وعرضه على أحمد بن حنبل "ت٢٤١هـ"، وذلك قبل مجيئه بغداد، فاستجاده واستحسنه٣.

وقد عاصر أبو داود السجستاني كبار الأئمة الذين شرعوا في تمييز الأحاديث الصحيحة من غيرها أمثال البخاري ومسلم؛ ولكن هذين الإمامين وإن كانا قد اهتما بالناحية الفقهية، إلا أنهما لم يفردا أحاديث الأحكام بالتأليف، وهي أهم ما يبحث عنه المسلمون، ويحتاجون إليه كثيرًا لاستنباط الأحكام الفقهية التي يسيرون عليها.


١ "تهذيب ابن القيم" "١/ ٨".
٢ "ديوان ابن حجر" "ص٢٠".
٣ "تاريخ بغداد" "٩/ ٥٥"، و"تهذيب التهذيب" "٤/ ١٧١"، و"مختصر سنن أبي داود" "١/ ٥"، و"جامع الأصول" "١/ ١١١".

<<  <   >  >>