للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حديث فيه وهن شديد، فقد بينته، وما لم أذكر فيه شيئًا فهو صالح، وبعضها أصح من بعض.

قال ابن الصلاح: فعلى هذا ما وجدناه في كتابه مذكورًا مطلقًا وليس في واحد من الصحيحين، ولا نص على صحته أحد ممن يميز بين الصحيح والحسن، عرفنا بأنه من الحسن عند أبي داود، وقد يكون في ذلك ما ليس بحسن عنده، ولا مندرج فيما حققنا ضبط الحسن به؛ إذ حكى أبو عبد الله بن منده الحافظ أنه سمع محمد بن سعد الباوردي بمصر يقول: كان من مذهب أبي عبد الرحمن النسائي أن يخرج عن كل من لم يجمع على تركه، قال ابن منده: وكذلك أبو داود السجستاني يأخذ مأخذه ويخرج الإسناد الضعيف إذا لم يجد في الباب غيره؛ لأنه أقوى عنده من رأي الرجال١. اهـ.

وقال السيوطي في التدريب: "فعلى ما نقل عن أبي داود يحتمل أن يريد بقوله: "صالح" الصالح للاعتبار دون الاحتجاج، فيشمل الضعيف أيضًا؛ لكن ذكر ابن كثير أنه روى عنه: "وما سكت عنه فهو حسن"، فإن صح ذلك فلا إشكال"٢. اهـ.

وقال أبو داود في رسالته إلى أهل مكة مبينًا شروطه في كتابه السنن: "إنكم سألتموني أن أذكر لكم الأحاديث التي في كتاب السنن أهي أصح ما عرفت في الباب، فاعلموا أنه كله كذلك، إلا أن يكون قد رُوي من وجهين أحدهما أقوم إسنادًا، والآخر أقوم في الحفظ، فربما كتبت ذلك، ولا أرى في كتابي من هذا عشرة أحاديث، ولم أكتب في الباب إلا حديثًا أو حديثين، وإن كان في الباب أحاديث صحاح، فإنها تكثر، وإنما أردت قرب منفعته، فإذا أعدت الحديث في الباب من وجهين أو ثلاثة، فإنما هو من زيادة كلام فيه، وإنما تكون فيه كلمة زائدة على الأحاديث، وربما اختصرت الحديث الطويل؛ لأني لو كتبته بطوله لم يعلم


١ المقدمة "ص١٨" في النوع الثاني.
٢ تدريب الراوي "١/ ٢٠٧"، مؤسسة الرسالة.

<<  <   >  >>