للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعض من يسمعه المراد منه، ولا يفهم موضع الفقه منه فاختصرته لذلك، وأما المراسيل فقد كان يحتج بها العلماء فيما مضى مثل سفيان الثوري، ومالك، والأوزاعي، حتى جاء الشافعي فتكلم فيها، وتابعه على ذلك أحمد بن حنبل، وغيره، فإذا لم يكن مسند غير المراسيل، فالمرسل يحتج به، وليس هو مثل المتصل في القوة، وليس في كتاب السنن الذي صنفته عن رجل متروك الحديث شيء، فإذا كان فيه حديث منكر بينته أنه منكر، وليس على نحوه في الباب غيره، وما كان في كتابي من حديث فيه وهن شديد فقد بينته، ومنه ما لا يصح سنده، وما لم أذكر فيه شيئًا فهو صالح، وبعضها أصح من بعض، وهو كتاب لا ترد عليك سُنة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا وهي فيه، ولا أعلم شيئًا بعد القرآن ألزم للناس أن يتعلموه من هذا الكتاب، ولا يضر رجلًا ألا يكتب من العلم شيئًا بعدما يكتب هذا الكتاب، وإذا نظر فيه وتدبره وتفهمه حينئذ يعلم مقداره، وأما هذه المسائل مسائل الثوري، ومالك والشافعي، فهذه الأحاديث أصولها ... والأحاديث التي وضعتها في كتاب السنن أكثرها مشاهير، وهي عند كل من كتب شيئًا من الأحاديث إلا أن تمييزها لا يقدر عليه كل الناس، فالحديث المشهور المتصل الصحيح ليس يقدر أن يرده عليك أحد، وأما الحديث الغريب، فإنه لا يحتج به، ولو كان من رواية الثقات من أئمة العلم. قال إبراهيم النخعي: كانوا يكرهون الغريب من الحديث. وقال يزيد بن أبي حبيب: إذا سمعت الحديث فانشده كما تنشد الضالة، فإن عرف إلا فدعه، ولم أصنف في كتاب السنن إلا الأحكام، فهذه أربعة آلاف وثمانمائة كلها في الأحكام، فأما أحاديث كثيرة في الزهد والفضائل وغيرها، فلم أخرجها والسلام عليكم"١.

وقال الصنعاني: "قال أبو داود: ما كان في كتابي هذا من حديث فيه وهن شديد بينته، وما لم أذكر فيه شيئًا فهو صالح. قال الزين: أي للاحتجاج"٢.


١ نقلًا عن مقدمة ابن الصلاح "ص٥٥".
٢ توضيح الأفكار "١/ ١٩٧".

<<  <   >  >>