للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال ابن عبد البر: "كل ما سكت عليه أبو داود فهو صحيح عنده، لا سيما إن كان لم يذكر في الباب غيره"١.

وقال الذهبي فيما نقله عنه السبكي: "وقد وفَّى بذلك، فإنه بين الضعيف الظاهر، وسكت عن الضعيف المحتمل، فما سكت عنه لا يكون حسنًا عنده، ولا بد؛ بل قد يكون مما فيه الضعف"٢.

وزعم الحافظ السلفي أنا ما في سنن أبي داود صحيح؛ لأنه أحد الكتب الخمسة التي "اتفق على صحتها علماء المشرق والمغرب"٢.

فرد عليه ابن الصلاح قائلًا: "وهذا تساهل؛ لأن فيها ما صرحوا بكونه ضعيفًا أو منكرًا أو نحو ذلك من أوصاف الضعيف، وصرح أبو داود فيما قدمنا من روايته عنه بانقسام ما في كتابه إلى صحيح وغيره"٣.

فابن الصلاح يرى أن الأحاديث التي سكت عنها أبو داود حسنة، لا صحيحة كما زعم الحافظ السلفي، والسبب في موقف ابن الصلاح أنه كان يرى أن ليس للمتأخر أن يجرؤ على الحكم بصحة حديث ليس في أحد الصحيحين، أو لم ينص على صحته أحد من أئمة الحديث السابقين.

وقال الأستاذ أحمد شاكر: "إن ابن الصلاح يحكم بحسن الأحاديث التي سكت عنها أبو داود، ولعله سكت عن أحاديث في السنن، وضعفها في شيء من أقواله الأخرى كإجاباته للآجري في الجرح والتعديل، والتصحيح والتعليل، فلا يصح إذن أن يكون ما سكت عنه في "السنن" وضعفه في موضع آخر من كلامه حسنًا؛ بل يكون عنده ضعيفًا، وإنما لجأ ابن الصلاح إلى هذا اتباعًا لقاعدته التي سار عليها من أنه لا يجوز للمتأخرين التجاسر على الحكم بصحة حديث لم يوجد في أحد الصحيحين، أو لم ينص أحد من أئمة الحديث على صحته"٤.


١ نقلًا عن: توضيح الأفكار "١/ ١٩٧".
٢ طبقات السبكي "٢/ ٢٩٣".
٣ علوم الحديث "٣٦، ٣٧".
٤ الباعث الحثيث "ص٤٢".

<<  <   >  >>