هو حسن لغيره، ومنها ما فيه راوٍ ضعيف، ولكنه محتمل؛ لعدم الاتفاق على ترك حديثه، أو لعدم شدة ضعفه، ولا ينبغي لنا أن نستنبط من سكوت أبي داود الاحتجاج بكل ما سكت عنه.
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني:"ومن هنا يظهر ضعف طريقة من يحتج بكل ما سكت عليه أبو داود، فإنه يخرج أحاديث جماعة من الضعفاء في الاحتجاج، ويسكت عنها مثل ابن لهيعة ... فلا ينبغي للناقد أن يقلده في السكوت على أحاديثهم، وقد يخرج لمن هو أضعف من هؤلاء بكثير كالحارث بن دحية، وصدقة الدقيقي، وعثمان بن واقد العمري، وكذلك ما فيه من الأسانيد المنقطعة، وأحاديث المدلسين بالعنعنة، والأسانيد التي فيها من أبهمت أسماؤهم"١.
- الضعيف في سنن أبي داود:
صرح أبو داود -رحمة الله تعالى عليه- في سننه بتضعيف بعض الأحاديث، ويرى بعض العلماء أن في السنن أيضًا أحاديث ضعيفة لم يصرح أبو داود بضعفها، إما لأن ضعفها محتمل عنده وليس بشديد، وإما لأنه صرح في غير "السنن" بضعفها، كما ذكر ذلك الأستاذ أحمد شاكر في النص الذي أوردناه قبل قليل.
فالأحاديث التي صرَّح بضعفها أمرها هين، وكذلك الأحاديث التي سكت عنها وأخرجها الشيخان أو أحدهما فهي صحيحة، أما الأحاديث التي سكت عنها وليست من هذا القبيل ولا ذاك، فإننا نستطيع أن نحكم عليها بالنظر في أسانيدها، فما حكم له سنده بالصحة كان صحيحًا، وما حكم له سنده بالضعف كان ضعيفًا.
ومن الجدير بالذكر أن ننوه هنا بأن المنذري وابن الصلاح وغيرهما ذكروا أن محمد بن إسحاق بن منده الحافظ حكى أن شرط أبي داود والنسائي إخراج حديث
١ المنهل العذب المورود، لمحمد خطاب السبكي، نقلًا عن التحفة المرضية للقاضي حسين بن محسن اليماني "١/ ١٨".