للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا كان القرآن الكريم اشتمل على السُّنَّة، فيجب علينا أن نأخذ بها، وألا نكون كمن آمنوا ببعض الكتاب وكفروا ببعض، قال تعالى: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ} [البقرة: ٨٥] .

ثانيًا١: قد فرض الله تعالى علينا اتباع النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: ٦٥] ، وقال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِينًا} [الأحزاب: ٣٦] ، وقال: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: ٨٠] ، وقال: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: ٦٣] .

فهذه الآيات ونحوها تدل على أن هناك أحكامًا وأوامر للرسول -صلى الله عليه وسلم- ليست في القرآن، ويجب علينا اتباعها تنفيذًا لأوامر الله تعالى في كتابه العزيز، ولا يمكن اتباعها إلا بأخذها من الرواة الذين نقلوها، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب -كما يقول الأصوليون.

وليس المراد من حكم الرسول -صلى الله عليه وسلم- وطاعته في الآيات هو الحكم بما أنزل الله في كتابه، وطاعته فيما يبلغهم من كتاب الله -عز وجل- كما يزعم لمعترضون، ولو سلمنا ذلك جدلًا، فإنا لا نجد السبيل إلى تطبيق أحكام الله -عز وجل- على الوجه الأكمل إلا إذا اقتدينا بالرسول -صلى الله عليه وسلم- القدوة الحسنة والوقوف على سنته والأخذ بها، وطريقنا إليها هو الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ثالثًا: هناك بعض الأحكام التي نُسخت في القرآن الكريم وجاءت مكانها أحكام أخرى، ولم يبين هذا النسخ إلا السُّنَّة؛ مما يجعلنا في حاجة إلى الأخذ بها.

ومن ذلك قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا

<<  <   >  >>