للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأبو هريرة كغيره من الصحابة مُعدَّل بتعديل الله تعالى له في كتابه، ومُنزه عن الكذب والتقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والصحابة جميعًا ملتزمون بما وعَوْه من توجيهات وتحذيرات نبوية، وخاصة قوله صلى الله عليه وسلم: "من كذب عليَّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار" ١.

- محفوظات أبي هريرة:

لقد بلغت محفوظات أبي هريرة -رضي الله عنه- حدًّا يثير الدهشة والإعجاب، إلا أنها دهشة تزول وإعجاب ينمحي حين يعلم المرء أن ذلك ببركة دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- له بكثرة الحفظ وعدم النسيان.

ولم يُحدِّث أبو هريرة بكل ما علم من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال أبو هريرة: "حفظت من رسول الله وعاءين، فأما أحدهما فبثثته، وأما الآخر فلو بثثته لقُطع هذا البلعوم"٢.

وقال أيضًا: "لو أنبأتكم بكل ما أعلم لرماني الناس بالخرق٣ وقالوا: أبو هريرة مجنون".

وفي رواية: "لو حدثتكم بكل ما في جوفي لرميتموني بالبعر"، قال الحسن راوي الحديث عن أبي هريرة: صدق والله! لو أخبرنا أن بيت الله يُهدم أو يُحرق ما صدقه الناس٤.

وفي رواية: "يقولون: أكثرت يا أبا هريرة، والذي نفسي بيده لو حدثتكم بكل شيء سمعتُه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لرميتموني بالقشع -يعني بالمزابل- ثم ما نظرتموني"٥.


١ صحيح البخاري "٩/ ١٣٣".
٢ طبقات ابن سعد "٤/ ٢/ ٥٧"، "١١٨/ ٢/ ٢"، وفتح الباري "١/ ٢٧٧"، وحلية الأولياء "١/ ٣٨١"، والبداية والنهاية "٨/ ١٠٥"، وتذكرة الحفاظ "١/ ٣٤"، وسير أعلام النبلاء "٢/ ٤٣٠".
٣ المراد: الكذب، ففي لغة أنها من التخلق بالكذب، والْخُرْق: الجهل والحمق.
٤، ٥ طبقات ابن سعد "٤/ ٢/ ٥٧، "١١٩/ ٢/ ٢".

<<  <   >  >>