للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذه المزاعم كلها باطلة، ويكذبها الواقع التاريخي والأمانة في التوثيق والاستقراء، فقد اشترك في حرب الردة في عهد أبي بكر، وروى الإمام أحمد في مسنده: "فلما كانت الردة قال عمر لأبي بكر: تقاتلهم وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كذا وكذا؟ فقال أبو بكر: والله لا أفرق بين الصلاة والزكاة، ولأقاتلن من فرَّق بينهما، قال أبو هريرة: فقاتلنا معه، فرأينا ذلك رشدًا"١.

واستشهدوا برواية مجردة من السند وفيها: أن عمر اتهم أبا هريرة وهو على البحرين بسرقة مال المسلمين، وأنه ضربه بالدرة حتى أدماه.

والثابت أن عمر قال لأبي هريرة: فمن أين هي لك؟ قلتُ: خيل نتجت، وغلة رقيق لي، وأعطِيَة تتابعت عليَّ، فنظروا فوجدوه كما قال٢، وفي رواية أن عمر أخذ منه اثني عشر ألفًا٣، وفي رواية أن عمر عزل أبا موسى الأشعري عن البصرة وشاطره ماله، وعزل أبا هريرة عن البحرين وشاطره ماله٤.

ويصورونه مستغلًّا للفتنة في عهد عثمان، وأنه راح يضع الأحاديث التي روجها بنو أمية وأولياؤهم للاحتجاج بها لتحقيق مآربهم.

وفي عهد علي صوروا أبا هريرة بان صوته خفت وخمل، وأن معاوية جنده للقيام بأعمال ترضيه.

وأنه في عهد معاوية وضع الأحاديث التي تشيد بفضل معاوية وحدث بأحاديث لا يقبلها عقل ولا يرضاها ضمير، وله في صحيحي البخاري ومسلم أحاديث أفرغها على هذا القالب وحاكها على هذا المنوال ... ، إلى غير ذلك من المزاعم والأباطيل التي دللوا عليها بالروايات المكذوبة والأخبار الموضوعة والآثار التي لا أصل لها.


١ مسند أحمد "١/ ١٨١" بسند صحيح.
٢ تاريخ الإسلام "٢/ ٣٣٨"، البداية والنهاية "٨/ ١١١"، حلية الأولياء "١/ ٣٨٠".
٣ طبقات ابن سعد "٤/ ٢/ ٥٩".
٤ العقد الفريد "١/ ٣٣".

<<  <   >  >>