للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"و" قيل: "الأصل: احذر تلاقي نفسك، والأسد ثم حذف الفعل" وهو احذر "وفاعله" وهو ضمير المخاطب المستتر فيه، فصار "تلاقي نفسك والأسد" "ثم" حذف "المضاف الأول" وهو "تلاقي"، "وأنيب عنه الثاني" وهو "نفسك" "فانتصب" فصار "نفسك والأسد"، "ثم" حذف المضاف الثاني وهو "نفس" "وأنيب عنه الثالث" في التركيب وهو الكاف، "فانتصب" بعد أن كان مجرورًا بالإضافة، "وانفصل" لتعذر اتصاله فصار "إياك".

واختلف في إعراب ما بعد الواو فقيل: هو معطوف على "إياك" والتقدير: احذر نفسك أن تدنو من الأسد والأسد أن يدنو منك، وهذا مذهب كثيرين منهم السيرافي. واختاره ابن عصفور١.

واعترض بأن "إياك" محذر و"الأسد" محذر منه، والعطف يقتضي المشاركة في المعنى. وأجيب بأن مقتضى العطف الاشتراك في معنى الخوف، فلا يمتنع أن يكون أحدهما خائفًا والآخر مخوفًا منه. قاله الفخر الرازي في شرح المفصل. وذهب ابن طاهر وابن خروف إلى أن ما بعد الواو منصوب بفعل آخر محذوف، فهو عندهما من قبيل عطف الجمل٣. واختار ابن مالك قولا ثالثا، وهو أن يكون معطوفًا عطف مفرد لا على التقدير الأول، بل على تقدير: اتق تلاقي نفسك والأسد، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه. قال: ولا شك في أن هذا أقل تكلفًا. انتهى. وظاهر صنيع الموضح موافقته.

"وتقول" إذا لم تعطف ولم تكرر: "إياك من الأسد"، واختلف في تحقيق العامل المحذوف فقال الجمهور: عامله فعل متعد لواحد، "والأصل: باعد نفسك من الأسد، ثم حذف "باعد" وفاعله" المستتر فيه فصار: نفسك من الأسد، "و" حذف "المضاف" وهو "نفس"، فانفصل الضمير وانتصب فصار: إياك من الأسد، فـ"إياك" منصوب "باعد" محذوفًا، و"من الأسد": متعلق بذلك المحذوف.

"وقيل": عامله فعل متعد لاثنين. و"التقدير: أحذرك من الأسد". قاله ابن الناظم٣ تبعًا لأبي البقاء٤، فحذف "أحذر"٥ وفاعله وانفصل الضمير لتعذر اتصاله


١ المقرب ١/ ٢٥٣.
٢ انظر الارتشاف ٢/ ٢٨١، وهمع الهوامع ١/ ١٦٩.
٣ في شرح ابن الناظم ص٤٣٢: "أحذرك الأسد".
٤ انظر شرح المرادي ٤/ ٧٠.
٥ سقطت من "ب".

<<  <  ج: ص:  >  >>