"وأصل "غير" أن يوصف بها" لما فيها من معنى اسم الفاعل ألا ترى أن قولك: "زيد غير عمرو"، معناه:"مغاير لـ"عمرو"، والموصوف بها "إما نكرة" محضة "نحو: {صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ}" [فاطر: ٣٧] فـ"غير" وصف "صالحًا"، ولا أثر لإضافتها إلى الموصول؛ لأنها لا تتعرف بالإضافة. "أو" يوصف بها "معرفة" لفظًا "كالنكرة" معنى "نحو": {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ " غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ "} [الفاتحة: ٧] على القول: بأن "غير المغضوب" صفة لـ"الذين أنعمت عليهم"، "فإن موصوفها "الذين" وهم جنس" مبهم "لا قوم بأعيانهم".
وذهب السيرافي إلى أن "غير" تتعرف بالإضافة إذا وقعت بين شيئين متضادين، كما في قولهم: "الحركة غير السكون"، فعلى قوله "غير" في الآيتين بدل لا صفة.
"وقد تخرج" "غير" "عن الصفة، وتتضمن معنى "إلا" فيستثنى بها اسم مجرور بإضافتها إليه"، كما تخرج "إلا" من الاستثناء، وتتضمن معنى "غير" فيوصف بها جمع منكر قبلها، نحو:{لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ}[الأنبياء: ٢٢] أي: غير الله، فلما حملت "إلا" على "غير" انتقل إعراب "غير" إلى الاسم الذي بعد "إلا"، كما انتقل إعراب الاسم الذي بعد "إلا" إلى "غير" في الاستثناء، فيعرب الاسم الذي بعد "إلا" بما يستحقه، "وتعرب هي" أي: "غير" نفسها "بما يستحقه المستثنى بـ"إلا" في ذلك الكلام فيجب نصبها" في أربع مسائل:
الأولى: إذا كان الكلام تاما موجبًا كما "في نحو: قاموا غير زيد".
"و" الثانية: إذا كان الاستثناء منقطعًا ولم يمكن١ تسليط العامل على المستثنى كما في نحو: ""ما نفع هذا المال غير الضرر"، عند الجميع" في المسألتين.