"ويشار إلى المكان القريب" بالفظتين "هنا" مجردة عن "ها" التنبيه، "أو ههنا" مقرونة بـ"ها" التنبيه، "نحو: {إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ}[المائدة: ٢٤] ، و" يشار "للبعيد" بألفاظ: "بـ: هناك" مجردة عن "ها" التنبيه، "أو: ههناك" مقرونة بـ"ها" التنبيه من غير لام، "أو: هنالك" بضم الهاء وتخفيف النون وباللام المكسورة، "أو: هنا" بفتح الهاء وتشديد النون، وأصلها:"هنن" بثلاث نونات، أبدلت الثالثة ألفا لكثرة الاستعمال، "أو: هِنّا" بكسر الهاء وتشديد النون، والكلام فيها كالتي قبلها، وكسر الهاء أردأ من فتحها، قاله السيرافي، وأنشد لذي الرمة:[من البسيط]
٩١-
هَنَّا وهِنَّا ومن هُنّا لهُنّ بها ... ذات الشمائل والأيمان هينوم
"أو: هنّت" بفتح الهاء والنون المشددة وسكون التاء، وهي "هنا" المفتوحة الهاء؛ زيدت عليها التاء الساكنة، فالتقى ساكنان حذفت ألفها لالتقاء الساكنين، وقد تكسر هاؤها، "أو: ثَمّ" بفتح المثلثة وتشديد الميم، وبنيت على الفتح للتخفيف، ولم تكسر على أصل التقاء الساكنين لاستثقال الكسرة مع التضعيف "نحو: {وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ}[الشعراء: ٦٤] وهي ملازمة للظرفية، فلا تخرج عنها إلا إلى حالة شبيهة بها، نحو: "جئت من ثم" لأن الظرف والجار والمجرور أخوان، وأما قوله تعالى:{وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ}[الإنسان: ٢٠] فـ"ثَمّ" ظرف مكان لـ"رأيت" المتقدمة عليه. لا مفعول مطلق على الصواب، وإذا قلنا بمذهب الجمهور إن المراتب ثلاث، فيشار إلى المكان القريب بـ"هنا"، وإلى المتوسط بـ"هناك"، وإلى البعيد بـ"هنالك" وأخواته، وعند الناظم مرتبتان أشار إليهما بقوله:
٨٦-
وبهنا أو ههنا أشر إلى ... داني المكان وبه الكاف صلا
٨٧-
في البعد أو بثم فه أو هَنّا ... أو بهنالك انطقن أو هنا
٩١- البيت لذي الرمة في ديوانه ص٤٠٩، وتخليص الشواهد ص١٣٣، وجمهرة اللغة ص١٢٠٤، وشرح شواهد الإيضاح ص٤٣٥، وشرح المفصل ٣/ ١٣٧، ولسان العرب ١٢/ ٦٢٣ "هنم"، ١٥/ ٤٨٤ "هنا"، والمقاصد النحوية ١/ ٤١٢، وبلا نسبة في الخصائص ٣/ ٣٨، وشرح ابن الناظم ص٥٣، وشرح الأشموني ١/ ٦٦.