للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"فصل في المضمر":

بفتح الميم الثانية "المضمر": اسم مفعول من أضمرته، إذا أخفيته وسترته، وإطلاقه على البارز توسع. "والضمير" بمعنى المضمر على حد قولهم: عقدت العسل فهو عقيد، أي: معقود، وهو اصطلاح بصري، والكوفية يسمونه كناية ومكنيًّا؛ لأنه ليس باسم صريح، والكناية تقابل الصريح، قال ابن هانئ: [من الطويل]

فصرح بمن تهوى ودعني من الكنى ... فلا خير في اللذات من دونها ستر١

فالضمير والكناية بالاصطلاحين "اسْمًا لما وضع" لتعيين مسماه، وهو إما "لمتكلم، كـ: أنا"، بزيادة الألف عند البصريين، وبأصالتها عند الكوفيين، "أو المخاطب كـ: أنت"، بزيادة التاء عند البصريين، وبأصالتها عند بعض الكوفيين، "أو الغائب كـ: هو"، بتمامها عند البصريين، والهاء وحدها عند الكوفيين، وإليه أشار في النظم بقوله:

٥٤-

فما لذي غيبة أو حضور ... كأنت وهو سم بالضمير

"أو لمخاطب تارة ولغائب أخرى، وهو" ثلاثة "الألف والواو والنون"، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:

٥٩-

وألف والواو والنون لما ... غاب وغيره...............

وأراد بغيره المخاطب "كقوما" للمخاطبين، "وقاما" للغائبين، "وقوموا وقاموا، وقمن" يا هندات، والهندات قمن. "وينقسم" الضمير "إلى بارز؛ وهو ما له صورة في اللفظ" به كتاء: قمت"، وكاف "أكرمك"، وهاء "غلامه"، فكل من التاء والكاف والهاء يلفظ بصورته. "وإلى مستتر وهو بخلافه أي: بخلاف البارز، وهو ما ليس له صورة في اللفظ، بل ينوى "كا" لضمير "لمقدر في" أقوم، و"قم"، فيقدر في "أقوم" أنا، وفي "قم" أنت. ولم تضع العرب لهما لفظًا يعبر به عنهما، ولكن لضيق العبارة عبر عنهما بلفظ الضمير المنفصل، تعليمًا للمبتدئين، وليس هما إياهما على الحقيقة.


١ البيت لأبي نواس من خمرية في ديوانه ص٢٨، وبلا نسبة في تزيين الأسواق ص٤٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>