للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن الواو عطفت بشيئين على شيئين. وقال السيرافي: حذف شيئان فقط، وأصله: باعدوني وحذف الأرنب.

ولا يخفى ما في هذه الأقول من الضعف، أما قول الزجاج فإن فيه دعوى حذف "إياكم" ولا يليق حذفهما لما استقر لها في هذا الباب من أنها بدل من اللفظ بالفعل، وأما ما اختاره الموضح ففيه حذف من الأول لدلالة الثاني [عليه] ١، وهو قليل وفيه مخالفة لما يفهم من صنيعه في "إياك والأسد" أنهما جملة واحدة. وأما القول الثالث فيه كثرة حذف وتكرار، فإن مباعدتهم له عن حذف الأرنب مباعدة لحذف الأرنب عنه، وكذا هو في قول السيرافي، وإن لم يصرح به، فإن "باعدوني" ليس أمرًا بالمباعدة المطلقة، بل بالمباعدة عن شيء خاص، وكذا مباعدة حذف الأرنب إنما هي عنه، فمرجع القولين الأخيرين إلى قول واحد، وإن ظن شارحون أنهما غيران.

" ولا يكون" "إيا" في هذا الباب "لغائب"، لاختصاص التحذير بالمخاطب، "وشذ قول بعضهم"، أي العرب: "إذا بلغ الرجل الستين فإياه وإيا الشواب٢". قال سيبويه٣: حدثني من لا أتهم عن الخليل أنه سمعه من أعرابي. والشواب: بالشين المعجمة وفي آخره موحدة مشددة: جمع "شابة". ويروى: السوءات، بالسين المهملة: جمع سوءة٤.

والمعنى: إذا بلغ الرجل ستين سنه فلا يتولع بشابة ولا يفعل سوءة. والكلام جملة واحدة، "والتقدير: فليحذر تلاقي نفسه وأنفس الشواب". فحذف الفعل وفاعله ثم المضاف الأول وأنيب عنه الثاني، ثم الثاني وأنيب عنه الثالث، فانتصب وانفصل، وأبدل "أنفس" بـ"أيا". لأنها تلاقيها في المعنى.

"وفيه شذوذان" آخران٥:

"أحدهما: اجتماع حذف الفعل" المجزوم بلام الأمر "وحذف حرف الأمر" وهو اللام، مع أن لام الأمر لا تحذف إلا في الضرورة كقوله: [من الطويل]


١ إضافة من "ب"، وسقطت من "ط".
٢ من شواهد الكتاب ١/ ٢٧٩، وشرح ابن عقيل ٢/ ٣٠١، والإنصاف ٢/ ٦٩٧، المسألة رقم ٩٨، وشرح ابن الناظم ص٤٣٣، ولسان العرب "أيا"، وشرح المفصل ٣/ ١٠٠.
٣ الكتاب ١/ ٢٧٩.
٤ في "ب": "ويروى: الشوءات؛ بالشين المهملة، جمع شوءة".
٥ سقط من "ب": "وفيه شذوذان آخران".

<<  <  ج: ص:  >  >>