للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعترض قول البصريين [بأنه] ١ غير مطرد "لانتقاضه بنحو: هلا تفعل"، وسوف تفعل. فإن المضارع فيهما مرفوع، وليس حالا محل الاسم، لأن الاسم لا يقع بعد حرف التحضيض، ولا بعد حرف التنفيس. وأجيب بأن الرفع استقر قبل دخول حرفي التحضيض والتنفيس. لم يغيراه، إذا أثر العامل لا يغيره إلا عامل آخر.

واعترض قول الكسائي بأن جزء الشيء لا يعمل فيه.

واعترض قول ثعلب بأن المضارعة إنما اقتضت إعرابه من حيث الجملة، ثم يحتاج كل نوع من أنواع الإعراب إلى عامل يقتضيه. وأجيب بأن الكوفيين يزعمون أن إعراب المضارع بالأصالة، لا بالحمل على الاسم ومضارعته إياه.

"وناصبه أربعة" عند البصريين، وعشرة عند الكوفيين:

"أحدها: لن، وهي لنفي سيفعل" أي: لنفي الفعل المستقبل، إما إلى غاية ينتهي إليها، نحو: {لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى} [طه: ٩١] فإن نفي البراح مستمر إلى رجوع موسى، وإما إلى غير غاية نحو: {لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا} [الحج: ٧٣] . فإن نفي خلق الذباب مستمر أبدًا، لأن خلقهم الذباب محال، وانتفاء المحال مؤبد قطعًا. وإلا لكان ممكنًا لا محالا.

"ولا تقتضي" لن "تأييد النفي" خلافًا للزمخشري في أنموذجه٢، لأنها لو١ كانت للتأبيد لزم التناقض بذكر اليوم في قوله تعالى: {فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا} [مريم: ٢٦] . ولزم التكرار بذكر أبدًا في قوله تعالى: {وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا} [البقرة: ٩٥] .

ولم تجتمع مع ما هو لانتهاء الغاية نحو قوله تعالى: {فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي} [يوسف: ٨٠] . وتأبيد النفي [في] ١: {لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا} [الحج: ٧٣] لأمر خارجي لا مقتضيات "لن". "ولا" تقتضي "تأكيده"٣؛ أي النفي؛ "خلافًا للزمخشري" في كشافه٤، في تفسير: {لَنْ تَرَانِي} [الأعراف: ١٤٣] ، بل قولك: لن أقوم، محتمل لأن تريد به أنك لا تقوم أبدًا، أو أنك لا تقوم في بعض أزمنة المستقبل، وهو موافق لقولك: لا أقوم، في عدم إفادة التأكيد والتأبيد.


١ سقطت من "ب".
٢ الأنموذج ص١٠٢.
٣ في "ط": "توكيده".
٤ الكشاف ٢/ ٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>