للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦٨٥-

وبعد حتى هكذا إضمار إن ... حتم..........................

"ويرفع الفعل بعدها إن كان حالا"، أو مؤولا بالحال، "مسببا" عما قبلها، "فضلة"، ثم الكلام قبله، "نحو: مرض زيد حتى لا يرجونه"، فلا يرجونه حال لأنه في قوة قولك: فهو الآن إلا يرجى، ومسببا عما قبلها لأن عدم الرجاء مسبب عن المرض، وفضلة لأن الكلام ثم قبله بالجملة الفعلية.

"ومنه "حَتَّى يَقُولُ الرَّسُولُ"" [البقرة: ٢١٤] برفع "يقول" في "قراءة نافع، لأنه مؤول بالحال، أي: حتى حالة الرسول، والذين آمنوا أنهم يقولون ذلك" حينئذ.

وللحال المؤول تفسير آخر، وهو أن يفرض ما كان واقعًا في الزمن الماضي، واقعا في هذا الزمن، فيعبر عنه المضارع المرفوع. وفائدة تأويله بالحال، تصوير تلك الحال العجيبة واستحضار صورتها في مشاهدة السامع ليتعجب منها. وإنما وجب رفع الفعل بعد "حتى" عند إرادة الحال، حقيقة أو مجازًا، لأن نصبه يؤدي إلى تقدير "أن" وهي للاستقبال، والحال ينافي الاستقبال١.

وإنما اشترطت السببية ليحصل الربط معنى، وذلك لأنه لما لم يتعلق ما بعدها بما قبلها لفظا، زال الاتصال اللفظي، فشرطت السببية الموجبة للاتصال المعنوي جبرًا لما فات من الاتصال اللفظي، وإنما اشترطت الفضلية لئلا يبقى المبتدأ بلا خبر، وذلك أنه إذا رفع كانت "حتى" حرف ابتداء، فالجملة الواقعة بعدها مستأنفة، فإن فقد شرط من الثلاثة، وجب النصب. فيجب النصب في مثل: {لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى} [طه: ٩١] لانتفاء الحال.

"ويجب النصب في مثل: لأسيرن حتى تطلع الشمس". خلافًا للكوفيين. "و: ما سرت" إلى البلدة "حتى أدخلها، و: أسرت حتى تدخلها، لانتفاء السببية" فيهن. أما الأول فلأن طلوع الشمس لا يتسبب عن السير. وأما الثاني فلأن الدخول لا يتسبب عن عدم السير. وأما الثالث فلأن السبب لم يتحقق وجوده, فلو رفع لزم أن يكون مستأنفًا مقطوعًا بوقوعه. وما قبله سبب له. وذلك لا يصح لأن ما قبلها غير سبب فيلزم وقوع المسبب مع نفي السبب أو الشك فيه. قاله المرادي٢.


١ انظر شرح بن الناظم ص٤٨١، والكتاب ٣/ ١٧-١٨.
٢ شرح المرادي ٤/ ٢٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>