للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آخر المحكي بحركة الحكاية فالرفع في اللفظ غير الرفع في التقدير. وعلى لغة الغير فالحكم ظاهر. "وتبطل الحكاية في نحو": أي زيد؟ لأن أداة السؤال غير "من" وفي نحو: "ومن زيد؟ لأجل العاطف" الداخل على "من". "وفي نحو: من غلام زيد، لانتفاء العلمية"، خلافًا ليونس في إجازته حكاية جميع المعارف١. وفي نحو: من شدقم؟ لانتفاء العقل. "وفي نحو: من زيد الفاضل؟ لوجود التابع"، وهو النعت.

"ويستثنى من ذلك أن يكون التابع ابنًا متصلا بعلم كـ: رأيت زيد بن عمرو، أو علمًا معطوفًا"، بالواو خاصة "كـ: رأيت زيدًا وعمرًا، فتجوز فيهما الحكاية على خلاف في الثانية". فتقول لمن قال: رأيت زيدًا بن عمرو. من زيد بن عمرو؟ ولمن قال: مررت بزيد بن عمرو: من زيد بن عمرو؟ بنصب زيد في الأول، وخفضه في الثاني. وتقول لمن قال: رأيت زيدًا وعمرًا: من زيدًا وعمرًا، بنصبهما. ولمن قال: مررت بزيد وعمرو: من زيد وعمرو. بخفضهما. وذهب يونس وجماعة إلى أن عطف أحد الاسمين على الآخر يبطل الحكاية، وبنو تميم لا يحكون العلم مطلقًا ويوجبون رفع ما بعد "من". ومدرك الحجازيين أن الأعلام كثرت في كلامهم فأجازوا فيها الحكاية. لما فيها من ربط أحد الكلامين بالآخر وشرطوا أن تكون الحكاية بـ"من" دون "أي" لوجهين:

أحدهما: كثرة استعمالهم لها دون "أي" قاله سيبويه٢.

والثاني: أن "من" مبنية، لا يظهر معها قبح الحكاية لسكونها على كل حال، بخلاف "أي" فإنه لو حكي بها: أي زيدًا؟ وأي زيد؟ برفع "أي" فيهما، ونصب "زيد" في الأول، وجره في الثاني، لظهر القبح في اختلاف إعراب المبتدأ والخبر.

قال ابن الضائع: والأول أولى، وعليه اعتمد سيبويه وزاد ابن خروف وجها ثالثًا: وهو كون "من" على حرفين. وأما شرط انتفاء التابع، فلأنهم استغنوا بإطالته عن الحكاية، واستثنى النعت بابن لأنه صار مع المنعوت كشيء واحد، واستثنى عطف النسق لأنه ليس فيها بيان للمتبوع، فلا يبين إلا بالحكاية.

وأما اشتراط انتفاء اقتران العاطف بـ"من" فلأن الغرض بالحكاية بيان أن المسئول عنه هو المتقدم في الذكر لا غير. فإذا عطفت جملة السؤال على كلام المسئول صار في ذلك بيان أن المسئول عنه هو الأول فلم يحتج للحكاية. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:

٧٥٧-

والعلم احكينه من بعد من ... إن عريت من عاطف بها اقترن


١ شرح ابن الناظم ص٥٣٢.
٢ الكتاب ٢/ ٤١٣، ٤١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>