للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن يقال: لا يخلو إما أن تخلفها "كل" حقيقة أو مجازا أو لا تخلفها أصلا "فإن لم تخلفها: كل" لا حقيقة ولا مجازا "فهي لبيان الحقيقة" الماهية من حيث هي "نحو: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ} أي: من حقيقة الماء المعروف، وقيل المني. " {كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} " [الأنبياء: ٣٠] . والفرق بين المعرف بـ"أل" هذه واسم الجنس النكرة هو الفرق بين المقيد والمطلق، وذلك أن ذا "الألف واللام" يدل على الحقيقة بقيد حضورها في الذهي واسم الجنس النكرة يدل على مطلق الحقيقة، لا باعتبار قيد، قاله الموضح في المغني.

"وإن خلفتها" كل "حقيقة فهي لشمول أفراد الجنس نحو: {وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [النساء: ٢٨] فإنه لو قيل: وخلق كل إنسان ضعيفا، لكان صحيحا على جهة الحقيقة.

"وإن خلفتها" كل "مجازا" فهي "لشمول خصائص الجنس مبالغة، نحو: أنت الرجل علما" فإنه لو قيل: أنت كل رجل علما لصح على جهة المجاز؛ على معنى أنك اجتمع فيك ما افترق في غيرك من الرجال من جهة كمالك في العلم، ولا اعتداد بعلم غيرك لقصوره عن رتبة الكمال. وفي الحديث: "كل الصيد في جوف الفرا" ١، وقال ابن هانئ: [من السريع]

١٢٩-

وليس على الله بمستنكر ... أن يجمع العالم في واحد

فإن قيل: هذا الضابط يصدق على "أل" في الاستغراق العرفي، نحو: جمع الأمير الصاغة؛ أي: صاغة بلده أو مملكته؛ فإن "كلا" تخلف الأداة فيه مجازا وليست فيه لشمول الخصائص، بل لشمول بعض ما يصلح له اللفظ، وهو صاغة بلد الأمير؛ أو صاغة مملكته؛ دون من عداهم، أجيب بأن الكلام في "أل" المعرفة و"أل" في الصاغة موصول على الأصح.

"وإما عهدية" وهي ثلاثة أنواع أيضا "و" وجه الحصر أن يقال: "العهد: إما ذكرى" بكسر الذال المعجمة وهي التي يتقدم لمصحوبها ذكر "نحو": {كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا، "فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} " [المزمل: ١٥, ١٦] وفائدتها التنبيه على


١ الحديث قاله الرسول صلى الله عليه وسلم في أبي سفيان، وهو في مجمع الأمثال ٢/ ١٣٦، وجمهرة الأمثال ١/ ١٦٥، ٢/ ١٣٦، ١٦٢، والمستقصى ٢/ ٢٢٤، وفصل المقال ص١٠، وأمثال ابن سلام ص٣٥، والبيان والتبيين ٢/ ١٦.
١٢٩- البيت لأبي نواس في ديوانه ص٤٥٤، والاقتضاب ص٩٥، وزهر الآداب ص١٠٣٥، والوساطة ص٢٥٤، وبلا نسبة في شرح قطر الندى ص١١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>