للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومنع الفارسي في الحجة١، وتبعه ابن عمرون كون "أأنذرتهم"٢ وتاليه مبتدأ، و"سواء" خبرا؛ لأن ما في حيز الاستفهام لا يتقدم عليه.

وأجيب بأن الاستفهام هنا ليس على حقيقته؛ بل هو خبر من حيث المعنى، "و" المصدر المنسبك من الفعل المقدر معه "أن" نحو: "تسمع بالمعيدي خير من أن تراه"٣ فـ"تسمع" مبتدأ، وهو في تأويل "سماعك"، وقبله "أن" مقدرة، والذي حسن حذف "أن" من "تسمع" ثبوتها في "أن تراه"، قاله الموضح في شرح الشذور٤.

والفرق بين هذا والذي قبله أن السبك في هذا شاذ، وفي الذي قبله مطرد؛ لأن السبك بدون وجود حرف مصدري مطرد في باب التسوية، شاذ في غيرها٥.

"والمجرد" عن العوامل اللفظية "كما مثلنا" للصريح المؤول به، "والذي بمنزلة المجرد" عن العوامل اللفظية ما دخل عليه حرف زائد أو شبهه، فالأول "نحو٦: {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} [فاطر: ٣] ، "و" نحو: "بحسبك درهم" لا فرق في ذلك بين الوصف وغيره، فـ"خالق"، و"حسبك" مبتدآن، وإن كانا مجرورين بـ"من"، والباء الزائدتين "لأن وجود" الحرف "الزائد كلا وجود. ومنه" أي: من المبتدأ المجرور بحرف زائد "عند سيبويه" قوله تعالى: " {بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ} " [القلم: ٦] فـ"أيكم" مبتدأ، والباء زائدة فيه، و"المفتون" خبره، ولم يعكس؛ لأن صيغة مفعول لا تكون عنده بمعنى المصدر.

وعند الأخفش بالعكس٧، فـ"المفتون" بمعنى الفتنة مبتدأ مؤخر، وبـ"أيِّكُم"


١ الحجة للقراء السبعة ١/ ٢٦٩، وانظر حاشية يس ١/ ١٥٥.
٢ في "ب"، "ط": "أنذرتهم".
٣ المثل في مجمع الأمثال ١/ ١٢٩، ٢/ ٤٢٠، وكتاب الأمثال لابن سلام ص٩٧، ٩٨، والفاخر ص٥٦، وجمهرة الأمثال ١/ ٢٦٦، والمستقصى ١/ ٣٧٠، وفصل المقال ص١٣٥.
٤ شرح شذور الذهب ص١٩.
٥ في حاشية يس ١/ ١٥٥, ١٥٦: "قال الدماميني في شرح التسهيل في باب القسم: لا نسلم أن السبك بدوم حرف مصدري شاذ في غيرها على الإطلاق، وإنما يكون شاذا إذا لم يطرد في باب، أما إذا اطرد في باب واستمر فيه فإنه لا يكون شاذا، كالجملة التي يضاف إليها اسم الزمان، نحو: جئتك حين ركب الأمير، أي: حين ركوبه، و {هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ} ، أي: يوم نفع الصادقين. فهذا مطرد....".
٦ سقط من "ب".
٧ معاني القرآن للأخفش ٢/ ٧١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>