للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويقال: ما عندك؟ فتقول: درهم، أي: عندي درهم، فيقدر الخبر متأخرا. قال ابن مالك١: "ولا يجوز أن يكون التقدير: عندي درهم إلا على ضعف؛ لأن الجواب ينبغي أن يسلك به مسلك السؤال، والمقدم في السؤال هو المبتدأ، فيكون هو المقدم في الجواب؛ ولأن الأصل تأخير الخبر، فترك في مثل: عندي درهم؛ لأن التأخير يوهم الوصفية، وذلك مأمون فيما هو جواب، فلم يعدل عن الأصل بلا سبب" ا. هـ. فإن قلت: إذا قدر الخبر متأخرا فما سوغ الابتداء بدرهم؟. قلت: كونه جوابا للاستفهام.

"وأما حذفه"، أي: الخبر "وجوبا، ففي أربع مسائل:

إحداها: أن يكون" الخبر "كونه مطلقا، والمبتدأ" واقع "بعد: لولا" الامتناعية، والمراد بالكون الوجود، وبالإطلاق عدم التقييد بأمر زائد على الوجود، وإيضاح ذلك أن يقال: إن كان امتناع الجواب لمجرد وجود المبتدأ فالخبر كون مطلق، "نحو: لولا زيد لأكرمتك"، فـ"الإكرام" ممتنع لوجود "زيد"، فـ"زيد" مبتدأ، وخبره محذوف وجوبا، وهو كون مطلق، "أي: لولا زيد موجود"، وإن كان امتناع الجواب لمعنى زائد على وجود المبتدأ؛ فالخبر كون مقيد، كما إذا قيل: هل زيد محسن إليك؟ فتقول: لولا زيد لهلكت، تريد: لولا إحسان زيد إلي لهلكت، فـ"الهلاك" ممتنع لـ"إحسان زيد"، فالخبر كون مقيد بـ"الإحسان"، وإنما حذف الخبر بعد "لولا" إذا كان كونا مطلقا؛ لأنه معلوم بمقتضى "لولا" إذ هي دالة على امتناع لوجود، والمدلول على امتناعه هو الجواب، والمدلول على وجوده هو المبتدأ، فإذا قيل: لولا زيد لأكرمتك، لم يشك في أن وجود "زيد" منع من "الإكرام"، فصح الحذف لتعيين المحذوف، وإنما وجب لسد الجواب مسده وحلوله محله، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:

١٣٨-

وبعد لولا غالبا حذف الخبر ... حتم..............................

"فلو كان" الخبر "كونا مقيدا"، بمعنى زائد على الوجود "وجب ذكره إن فقد دليله، كقولك: لولا زيد سالمنا ما سلم" من القتل، فـ"زيد" مبتدأ، وجملة "سالمنا" خبره، وهو كون مقيد؛ لأن وجود "زيد" مقيد بـ"المسألة"، ولا دليل يدل على خصوصيتها، فلذلك وجب ذكره، "وفي الحديث" خطابا لعائشة رضي الله عنها "لولا قومك حديثو عهد بكفر لبنيت الكعبة على قواعد إبراهيم" ٢، وحكاه في المغني٣


١ شرح التسهيل ١/ ٢٩٥.
٢ أخرجه البخاري في العلم برقم ١٢٦، وأعاده في الحج برقم ١٥٠٦، ١٥٠٩، وأخرجه مسلم في الحج باب نقض الكعبة برقم ١٣٣٣، والحديث من شواهد أوضح المسالك ١/ ٢٢١، ومغني اللبيب ١/ ٢٧٢، وهو في النهاية في غريب الحديث ١/ ٣٥٠ "حدث".
٣ مغني اللبيب ١/ ٢٧٢ "٣٦٠".

<<  <  ج: ص:  >  >>