للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

معنى؛ "لأنهما بمعنى خبر واحد، أي: مز"، وضابطه أن يكون المخبر عنه مشتملا على طرف من كل من الخبرين، لا عليهما معا، ألا ترى أن "المز" ليس تام الحلاوة، ولا تام الحموضة، ولكنها بينهما، "ولهذا"، أي: ولأجل كونهما في معنى خبر واحد "يمتنع العطف" للثاني "على" الأول على "الأصح"؛ لأن العطف يقتضي المغايرة، فلا يقال: الرمان حلو وحامض، خلافا للفارسي في أحد قوليه١.

"و" يمتنع أيضا "أن يتوسط المبتدأ بينهما"، وأن يتقدما على المبتدأ على الأصح فيهما عند الأكثرين، قاله في البديع. فلا يقال: حلو الرمان حامض، ولا حلو حامض الرمان، وليس الثاني بدلا؛ لأنه ليس المراد أحدهما، بل كلاهما، ولا صفة لامتناع وصف الشيء بمناقضه، ونقل عن الأخفش جواز كونه وصفا للأول على معنى: حلو فيه حموضة، والصفة توصف إذا نزلت منزلة الجامد، نحو: مررت بالضارب العاقل. ورد بأن الصفة كالفعل، وهو لا يوصف، ولو صح هذا؛ أي: الرد؛ لم يصح التصغير، وهو جائز بلا خلاف. قاله الموضح في شرح بانت سعاد٢.

ولا خبر مبتدأ محذوف؛ لأن المراد أنه جمع الطعمين، وهل في كل منهما ضمير أو لا ضمير فيهما، أو في الثاني فقط أقوال، اختار أبو حيان أولها٣، وصاحب البديع ثانيها، والفارسي ثالثها، ونظير ثمرة الخلاف في تحملهما، أو تحمل أحدهما في نحو: هذا البستان حلو حامض رمانه، فإن قلنا: لا يتحمل الأول ضميرا، تعين رفع "رمانه" بالثاني، وإن قلنا: إنه يتحمل فيجوز أن يكون من باب التنازع في السببي المرفوع على القول به، وليس من تعدد الخبر ما ذكره ابن الناظم٤ أيضا "من نحو: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ" فِي الظُّلُمَاتِ} [الأنعام: ٣٩] ؛ "لأن الثاني تابع" بالعطف بالواو علة ما قبله، والأصل: والذين كذبوا بآياتنا بعضهم صم وبعضهم بكم، فحذف المبتدآن، وبقي خبراهما، فعطف أحدهما على الآخر.


١ في شرح ابن الناظم ص٩٠: "أجاز فيه أبو علي الفارسي، العطف".
٢ شرح بانت سعاد ص٥٣.
٣ الارتشاف ٢/ ٦٤.
٤ شرح ابن الناظم ص٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>