للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بحركة الإعراب، وفي الثالث بحركة المناسبة، فتعاصت عن الحذف بخلاف ما إذا كانت ساكنة فإنها شبيهة بأحرف المد واللين في سكونها وامتداد الصوت بها، فتحذف كما يحذفن بجامع أنها تكون إعرابًا مثلهن، وتحذف للجازم كما يحذفن. "و" بخلاف "نحو: إن يكنه فلن تسلط عليه"، فلا يحذف أيضًا "لاتصاله بالضمير" المنصوب. والضمائر ترد الأشياء إلى أصولها، فلا يحذف معها بعض الأصول، وبخلاف "نحو: {لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ} " [النساء: ١٣٧] ، فلا يحذف أيضًا "لاتصاله بالساكن"، وهو لام التعريف، فالنون مكسورة لأجله، فهي متعاصية على الحذف لقوتها بالحركة قلله الموضح في شرح القطر١.

"وخالف في هذا" الأخير "يونس" بن حبيب "فأجاز الحذف" ولم يعتد بالحركة العارضة لالتقاء الساكنين٢ " تمسكا بنحو قوله" وهو الخنجر بن صخر الأسدي: [من الطويل]

١٨٥-

"فإن لم تك المرآة أبدت وسامة" ... فقد أبدت المرآة جبهة ضيغم

فحذف النون مع ملاقاة الساكن، والمرآة، بكسر الميم ومد الهمزة: آلة الرؤية، فكأنه نظر وجهه فيها فلم يره حسنًا، فتسلى بأنه يشبه الضيغم وهو: الأسد، والوسامة بفتح الواو: الحسن والجمال. "و" هذا البيت "حمله الجماعة" المعتدون في المنع بمطلق الحركة "على الضرورة. كقوله" وهو النجاشي: [من الطويل]

١٨٦-

فلست بآتيه ولا أستطيعه ... "ولاك اسقني إن كان ماؤك ذا فضل"

فحذف نون "لكن" ضرورة٣، واستدل به الفراء على أن "لكن" المشددة مركبة، وأصلها: لكن أن فطرحت الهمزة للتخفيف، ونون "لكن" للساكنين قاله في المغني٤.

وقيل: هذه أبيات تتضمن أن النجاشي عرض له ذئب في سفره فحكى أنه دعا الذئب إلى الطعام، وقال له: له لك من أخ؟ يعني نفسه، يواسيك بطعامه بغير من ولا بخل، فقال له الذئب، دعوتني إلى شيء لم تفعله السباع قبلي من مؤاكلة بني آدم، ولست بآتيه ولا أستطيعه ولكن إن كان في مائك الذي معك فضل عما تحتاج إليه فاسقني منه.


١ شرح قطر الندى ص١٣٨.
٢ شبرح التسهيل ١/ ٣٦٦، والارتشافغ ١/ ٣١، وشرح ابن عقيل ١/ ٢٢٩.
١٨٥- البيت للخنجر بن صخر الأسدي في خزانة الأدب ٩/ ٣٠٤، والدرر ١/ ٢٣٧،/ وسر صناعة الإعراب ٢/ ٥٤٢، ولسان العرب ١٣/ ٣٦٤ "كون" والمقاصد النحوية ٢/ ٦٣، وبلا نسبة في أوضح المسالك ١/ ٢٦٩، وتخليص الشواهد ص ٢٦٨، وشرح ابن الناظم ص١٠٢، وشرح الأشموني ١/ ١٢٠.
١٨٦- البيت للنجاشي الحارثي في ديوانه ١١١، والأزهية ٢٩٦، وخزانة الأدب ١٠/ ٤١٨، ٤١٩، وشرح أبيات سيبويه ١/ ١٩٥، وشرح شواهد المغني ٢/ ٧٠١، والكتاب ١/ ٢٧، والمنصف ٢/ ٢٢٩، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٢/ ١٣٣، ٣٦١، والإنصاف ٢/ ٦٨٤، وأوضح المسالك ١/ ٦٧١، وتخليص الشواهد ٢٦٩، والجنى الداني ٥٩٢، وخزانة الأدب ٥/ ٢٦٥، ورصف المباني ص٢٧٧، ٣١٠.
٣ انظر الخصائص ١/ ٣١٠.
٤ مغني اللبيب ١/ ٢٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>