للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن باب" المفعول المطلق الواقع عامله المحذوف خبرا عن اسم مبتدأ على حد: "ما زيد إلا سيرًا، أي:" ما زيد "إلا يسير سيرًا، والتقدير:" وما الدهر "إلا يدور دوران منجنون"، فـ"الدهر" مبتدأ و"يدور" خبره، و"دوران مفعول مطلق، وعامله "يدور" فحذف وأقيم المضاف إليه "دوران" مقامه، والباعث على نصب "منجنون" على هذا التقدير أمران: كونه لا يصح أن يكون خبرًا عن "الدهر" وكونه واقعًا بعد الإيجاب، والباعث على تقدير "دوران" أن "منجنونا" لا يصح كونه مفعولًا مطلقا؛ لأنه اسم للدواب الذي يسقى عليها الماء, فتارة يجعل السافل عاليا, وتارة يعكس, وأسماء الذوات لا تنصب إلى المفعولية المطلقة، إلا أن تكون آلة لها نحو: ضربته سوطًا. "و" كذا القول في:

............................. ... وما صاحب الحاجات إلا معذبًا

فإنه في تقدير "إلا يعذب معذبًا، أي: تعذيبًا"، والباعث على نصبه وقوعه بعد الإيجاب، والباعث على تأويله بالمصدر ما تقدم؛ لأن "معذب" اسم مفعول، وهو لا يقبل النصب على المفعولية المطلقة، وهذا ظاهر على مذهب الأخفش، وأما مذهب سيبويه فلا؛ لأنه لا يرى أن صيغة المفعول تكون بمعنى المصدر. وأجاز يونس النصب بعد الإيجاب١، وهذا البيت يشهد له، والأصل عدم التأويل وأنشده ابن مالك:

أرى الدهر إلا منجنوبًا.......... ... ................................

وحكم بزيادة "إلا".

واعترضه في المغني٢، وما ذكره من وجوب الرفع مطلقًا في الخبر المنتقض نفيه هو قول الجمهور٣.

والثاني: جواز النصب مطلقًا وهو قول يونس٤.

والثالث: جواز النصب بشرط كون الخبر وصفًا، وهو قول الفراء٥.

والرابع: جواز النصب بشرط كون الخبر مشبهًا به، وهو قول بقية الكوفيين٦.


١ شرح التسهيل ١/ ٣٧٣، ٣٧٤.
٢ مغني اللبيب ١/ ٧٣.
٣ الارتشاف ٢/ ١٠٤.
٤ وكذلك رأي الشلوبين، انظر همع الهوامع ١/ ١٢٣.
٥ معاني القرآن للفراء ٣/ ١١١.
٦ انظر الارتشاف ٢/ ١٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>