للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحد، وأحدهما فاعل، وثانيهما مفعول أول، وجملة "أعصر خمرًا" المفعول الثاني١، "وكقوله" وهو عمرو بن أحمر الباهلي يذكر جماعة من قومه لحقوا بالشام، فرآهم في منامه: [من الوافر]

٢٩٢-

"أراهم رفقتي حتى إذا ما" ... تجافى الليل وانخزل انخزالا

فالهاء والميم مفعول أول، و"رفقتي" بضم الراء وكسرها مفعول ثان، والرفقة: الجماعة ينزلون جملة ويرتحلون جملة، وسموا رفقة لاتفاق بعضهم ببعض، والرؤيا هنا حلمية بدليل قوله: حتى إذا ما تجافى الليل وانخزل، أي: انطوى وانقطع، وإلى هذا أشار الناظم بقوله:

٢١٥-

ولرأي الرؤيا انم ما لعلما ... طالب مفعولين من قبل انتمى

وذهب بعضهم إلى أن "رأى" الحلمية لا تنصب مفعولين، وأن ثاني المنصوبين حال. ورد بوقوعه كما هنا. واعترض بأن الرفقة الرفقاء، وهم: المخالطون والمرافقون، فهو بمعنى اسم الفاعل. فالإضافة فيه غير محضة، قاله الموضح في الحواشي، وفيه نوع مخالفة لما هنا.

و"رأى" الحلمية لا يدخلها إلغاء ولا تعليق، خلافًا للشاطبي. "ومصدرها الرؤيا، نحو" قوله تعالى: {هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ} [يوسف: ١٠٠] "ولا تختص الرؤيا بمصدر الحلمية، بل قد تقع مصدرا للبصرية، خلافًا للحريري وابن مالك، بدليل: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} [الإسراء: ٦٠] ، "قال ابن عباس" رضي الله عنهما: "هي رؤيا عين"، ولكن المشهور استعمالها في الحلمية.

"النوع الثاني" من أنواع هذا الباب الناصبة للمبتدأ والخبر مفعولين "أفعال التصيير"، وإنما قيل لها ذلك لدلالتها على التحويل والانتقال من حالة إلى أخرى، "كجعل ورد وترك واتخذ وتخذ وصير وهب"، وإليهما الإشارة بقول الناظم:

٢٠٨-

........... والتي كصيرا ... أيض بها انصب مبتدأ وخبرا


١ انظر شرح التسهيل ٢/ ٩٢، وهمع الهوامع ١/ ١٥٦.
٢٩٢- البيت لابن أحمر في ديوانه ص١٢٩، والحماسة البصرية ١/ ٢٦٢، وشرح أبيات سيبويه ١/ ٤٨٧، والكتاب ٢/ ٢٧٠، ولسان العرب ٦/ ٦٨٩ "حنش" والمقاصد النحوية ٢/ ٤٢١، وبلا نسبة في الأزمنة والامكنة ١/ ٢٤٠، والإنصاف ١/ ٣٥٤، وتخليص الشواهد ص٤٥٥، والخصائص ٢/ ٣٧٨، وشرح ابن الناظم ص١٥١، وشرح الأشموني ١/ ١٦٣، وشرح ابن عقيل ١/ ٤٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>