للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجواب لا يحذف، فكذلك ما هو بمنزلته، ورد بأن تضمنها معنى القسم ليس بلازم. "وعن الأكثرين الإجازة مطلقًا" لمجيء ذلك في أفعال العلم؛ "كقوله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} " [البقرة: ٢٣٢] ، {أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ " فَهُوَ يَرَى} " [النجم: ٣٥] أي: يعلم، والأصل؛ والله أعلم١؛ يعلم الأشياء كائنة ويرى ما نعتقده حقا، أو نحو ذلك مما يعطيه معنى الكلام. وفي أفعال الظن، نحو: " {وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ} " [الفتح: ١٢] فـ"ظن السوء"، مفعول مطلق مفيد للنوع، "وقولهم" في المثل: "من يسمع يخل٢"، أي: يقع منه خيلة، قاله الموضح٣، وصاحب التقريب٤، والمعنى من يسمع خبرًا يحدث له ظن، ومن قاله معناه: يخل مسموعه صادقًا فقد جعله من الحذف الاقتصاري، وليس الكلام فيه. "وعن الأعلم" يوسف الشنتمري تفصيل، فقال٥: "يجوز في أفعال الظن" لكثرة السماع فيها "دون أفعال العلم". وعن أبي العلاء إدريس يجوز في "ظن وخال وخسب"؛ لأنه سمع فيها، ويمتنع في الباقي، ونسبه لسيبويه٦.

"ويمتنع بالإجماع حذف أحدهما اقتصارًا"، أي: لغير دليل؛ لأن المفعولين هنا أصلهما المبتدأ والخبر فكما لا يجوز أن يؤتى بمبتدأ دون خبر، ولا بخبر دون مبتدأ قبل دخول الناسخ فكذلك بعده، وإلى امتناع حذف المفعولين أو أحدهما اقتصارًا أشار بقوله:

٢١٦-

ولا تجز هنا بلا دليل ... سقوط مفعولين أو مفعول

"وأما" حذف أحدهما "اختصارًا"، أي: لدليل "فمنعه" أبو إسحاق "بن ملكون" من المغاربة وطائفة، وحجتهم أن المفعول في هذا الباب مطلوب من جهتين، من جهة العامل فيه، ومن جهة كونه أحد جزأي الجملة، فلما تكرر طلبه امتنع حذفه، كذا قالوا. وما قالوه منتقض بخبر "كان"، فإنه مطلوب من جهتين، ولا خلاف في جواز حذفه إذا دل عليه دليل، "وأجازه الجمهور٧"، كقوله تعالى: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِين


١ سقطت من "ب".
٢ المثل في المستقصى ٢/ ٢٦٢، وفصل المقال ص٤١٢، ومجمع الأمثال ٢/ ٣٠٠، وجمهرة الأمثال ٢/ ٢٦٣.
٣ مغني اللبيب ص٧٩٧.
٤ المقرب ١/ ١١٦.
٥ الارتشاف ٢/ ٥٦.
٦ الارتشاف ٢/ ٥٦.
٧ انظر الارتشاف ٢/ ٥٦، والمقرب ١/ ١١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>