للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ففي "كان" فيهما ضمير مستتر مرفوع بـ"كان" مدلول عليه بالحال المشاهدة فيهما، "أي: إذا كان هو، أي: ما نحن الآن عليه من سلامة" في غد، هذا في المثال، "و" في البيت، "فإن كان هو، أي: ما تشاهده مني" ففيه لف ونشر على الترتيب، ويجوز في "كان" فيهما أن تكون تامة، وأن تكون ناقصة، فإن جعلتها ناقصة كان "غدًا" في المثال و"لا يرضيك" في البيت في موضع خبرها، وإن جعلتها تامة كان "غدًا" منصوبا على الظرفية متعلقًا بـ"كان"، و"لا يرضيك" في موضع الحال من فاعل "كان"، وحكى سيبويه١: إذا كان غد، بالرفع على أنه فاعل "كان" وقد قيل: إن النصب لغة تميم، والرفع لغة غيرهم، وقطري، بفتح القاف والطاء المهملة وكسر الراء وتشديد الياء آخر الحروف هو قطري بن الفجاءة الخارجي، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:

٢٢٦-

وبعد فعل فاعل فإن ظهر ... فهو وإلا فضمير استتر

ففهم منه أنه لا يجوز حذف الفاعل.

"وعن الكسائي إجازة حذفه٢" وتبعه السهيلي "تمسكًا بنحو ما أولناه" من الآية والحديث والمثال والبيت.

ويطرد حذف الفاعل في أربعة مواضع في باب النائب عن الفاعل، نحو: {قُضِيَ الْأَمْرُ} [يوسف: ٤١] ، وفي الاستثناء المفرغ نحو: ما قام إلا هند، وفي "أفعل" بكسر العين في التعجب إذ دل عليه متقدم مثله، نحو: {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ} [مريم: ٣٨] ، وفي المصدر نحو: {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ، يَتِيمًا} [البلد: ١٤، ١٥] .

الحكم "الرابع: أنه يصح حذف فعله" جوازًا "إن أجيب به نفي كقولك: بلى زيد" جوابًا "لمن قال: ما قام أحد"، فـ"زيد" فاعل فعل محذوف دل عليه مدخول النفي, والجملة فعلية, "أي: بلى قام زيد" ليطابق الجواب مدخول النفي في الفعلية، ولو جعل مبتدأ حذف خبره لم يطابق، "ومنه قوله:" [من الطويل]

٣٣٢-

"تجلدت حتى قيل لم يعر قلبه ... من الوجد شيء قلت بل أعظم الوجد"

فـ"أعظم الوجد" فاعل فعل محذوف، دل عليه مدخول النفي، والتقدير: بل عراه أعظم الوجد، و"تجلدت" من التجلد، وهو التصبر على الهموم ونحوها، "ولم يعر"


١ الكتاب ١/ ٢٢٤.
٢ في شرح الكافية الشافية ٢/ ٦٠٠: "أجاز الكسائي وحده حذف الفاعل إذ دل عليه دليل".
٣٣٢- البيت بلا نسبة في أوضح المسالك ٢/ ٩٢، وتخليص الشواهد ص٤٧٨، وشرح الأشموني ١/ ١٧٢، والمقاصد النحوية ٢/ ٤٥٣، وشرح التسهيل ٢/ ١٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>