أن يكون مستثنى نحو: ما قام إلا زيد، أو مستثنى منه، نحو: ما قام إلا زيدًا أحد، أو تابعًا له نحو: ما قام أحد إلا زيدًا فاضل، وما ظن من غير هذه الثلاثة معمولا لما قبلها قدر له عامل، ا. هـ.
ولو قيل المرفوع في هذه الأبيات ليس واقعًا في مركزه الأصلي؛ لأنه مؤخر من تقديم فهو واقع قبل "إلا" تقديرًا لا بعدها لم يبعد, ولكنهم لم ينظروا إلى ذلك محتجين بأن الشيء إذا حل في موضعه لا ينوى مع غيره؛ وإلا لجاز ضرب غلامه زيدًا وإلى هذه المسألة أشار الناظم بقوله:
٢٤٠-
وما بإلا أو بإنما انحصر ... أخر وقد يسبق إن قصد ظهر
"وأما توسط المفعول" بين الفعل والفاعل "جوازًا، فنحو: {وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ} " [القمر: ٤١] فـ"النذر" فاعل "جاء" و"آل فرعون" مفعول به متوسط بين الفعل والفاعل، "و" نحو "قولك: خاف ربه عمر"، فـ"عمر" فاعل و"ربه" مفعول. "قال" جرير يمدح عمر بن عبد العزيز: [من البسيط]
٣٤٨-
جاء الخلافة إذ كانت له قدرًا ... "كما أتى ربه موسى على قدر"
فـ"موسى" فاعل و"ربه" مفعول متوسط بين الفعل وفاعله، ولا يضر اتصاله بضمير الفاعل المتأخر لتقدمه في الرتبة، وإليه أشار الناظم بقوله:
٢٤١-
وشاعه نحو خاف ربه عمر ... .................................
والمراد عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
"وأما وجوبه" أي: وجوب توسط المفعول بين الفعل وفاعله "ففي مسألتين:
إحداهما أن يتصل بالفاعل ضمير المفعول نحو: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ} " [البقرة: ١٢٤] ، فـ"إبراهيم" مفعول مقدم، و"ربه" فاعل مؤخر وجوبًا، "و" نحو: {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ} [غافر: ٥٢] فـ"معذرتهم" فاعل مؤخر، و"الظالمين" مفعول مقدم وجوبًا، وإنما وجب تقديم المفعول فيهما لئلا يعود ضمير على المفعول، وهو متأخر لفظا ورتبة، "و" لأجل ذلك "لا يجيز أكثر النحويين نحو: زان نوره الشجر" بتقديم الفاعل على المفعول، "لا في نثر ولا في شعر، وأجازه فيهما
٣٤٨- البيت لجرير في ديوانه ٤١٦، والأزهية ١١٤، وخزانة الأدب ١١/ ٦٩، والدرر ٢/ ٤٣٩، وشرح شواهد المغني ١/ ١٩٦، ومغني اللبيب ١/ ٦٢، ٧٠، والمقاصد النحوية ٢/ ٤٨٥، ٤/ ١٤٥، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٢/ ١٢٤، والجنى الداني ٢٣٠، وشرح ابن الناظم ص٤٧٩، وشرح الأشموني ١/ ١٧٨، وشرح قطر الندى ١٨٤، وهمع الهوامع ٢/ ١٣٤.