للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"ولذلك أمثلة، منها همزة الاستفهام، نحو: {أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ} " [القمر: ٢٤] فيترجح نصب، "بشرا" بفعل محذوف يفسره المذكور؛ لأن الغالب في الهمزة أن تدخل على الأفعال، وإنما لم يجب دخولها على الأفعال كباقي أخواتها؛ لأنها أم الباب، وهم يتوسعون في أمهات الأبواب ما لم يتوسعوا في غيرها. "فإن فصلت الهمزة" من الاسم المشتغل عنه "فالمختار الرفع نحو: أأنت زيد تضربه"؛ لأن الاستفهام حينئذ داخل على الاسم، لا على الفعل، هذا إن جعلت "أنت" مبتدأ, كما هو رأي سيبويه١, وإن جعلته فاعلا بفعل مقدر, وانفصل بعد حذفه كما هو رأي الأخفش فالمختار النصب٢؛ لأن الهمزة داخلة في التقدير، "إلا في نحو: أكل يوم زيدًا تضربه"، فيترجح النصب؛ "لأن الفصل بالظرف" وهو "كل يوم" بنصب "كل" "كلا فصل" وحرف الاستفهام داخل في الحكم على الفعل.

"وقال ابن الطراوة٣: إن كان الاستفهام عن الاسم فالرفع" واجب، "نحو: أزيد ضربته أم عمرو" لأن الضرب محقق، وإنما الشك في المفعول، فالاستفهام عن تعيينه "وحكم" ابن الطراوة "بشذوذ النصب في قوله" وهو جرير يمدح ثعلبة ورياحًا، ويذم طهية والخشاب: [من الوافر]

٣٧١-

أثعلبة الفوارس أم رياحا ... عدلت بهم طهية والخشابا

بنصب "ثعلبة" بفعل محذوف تقديره: أحقرت ثعلبة، ولا يجوز إضمار "عدلت" لتعديه بالياء، قاله الموضح في الحواشي.

و"ثعلبة" بتاء مثلثة وعين مهملة وباء موحدة و"الفوارس" نعته، وإن كان جمعًا، نظر إلى معنى أهل القبيلة، و"رياحًا" بمثناة من تحت، وحاء مهملة، "وطهية" بضم الطاء المهملة، وفتح الهاء وتشديد الياء آخر الحروف، و"الخشاب" بكسر الخاء المعجمة وبالشين المعجمة: كلها قبائل، قاله الموضح في الحواشي.


١ الكتاب ١/ ١٠٤، وانظر الارتشاف ٣/ ١٠٦.
٢ شرح التسهيل ٢/ ١٤٤، والارتشاف ٣/ ١١٢.
٣ الارتشاف ٣/ ١٠٨.
٣٧١- البيت لجرير في ديوانه ص٨١٤، والأزهية ص١١٤، وأمالي المرتضى ٢/ ٥٧، وجمهرة اللغة ص٢٩٠، وخزانة الأدب ١١/ ٦٩، وشرح أبيات سيبويه ١/ ٢٨٨، والكتاب ١/ ١٠٢، ٣/ ١٨٣، ولسان العرب ١/ ٣٥٥، "خشب" ١٥/ ١٧ "طها" والمقاصد النحوية ٢/ ٥٣٣، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٢/ ١٦٦، والرد على النحاة ص١٠٥، وشرح الأشموني ١/ ١٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>