للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قلت: "لا الباطل" بالنصب عطفًا على "الحق". "و" الثاني: "لا أفعل كذا البتة"، فجملة "لا أفعل كذا" تحتمل استمرار النفي وانقطاعه، فإذا قلت: "البتة" حققت استمرار النفي، ورفعت انقطاعه. و"البت": القطع، يقال: "لا أفعله البتة" لكل أمر لا رجعة فيه، قاله في الصحاح، و"أل" في "البتة" لازمة الذكر، قاله الموضح في الحواشي. وفي حاشية العلامة عبد القادر المكي على هذا الكتاب يقال: لا أفعله بتة والبتة أي: بتتة بتة والبتة. وفي الباب١: لم يسمع في "ألبتة" إلا قطع الهمزة، والقياس وصلها، وإلى هذه المسألة أشار الناظم بقوله:

٢٩٥-

ومنه ما يدعونه مؤكدا ... لنفسه أو غيره فالمبتدا

٢٩٦-

نحو له علي ألف عرفا ... والثاني كابني أنت حقا صرفا

المسألة "الخامسة: أن يكون" المصدر "فعلًا علاجيا تشبيهيا" واقعا "بعد جملة مشتملة عليه" أي: على اسم بمعناه؛ "و" مشتملة "على صاحبه" أي: المصدر؛ فهذه أربعة شروط، زاد المرادي شرطًا خامسًا، وهو: أن يكون ما اشتملت عليه الجملة غير صالح للعمل، "كـ: مررت فإذا له صوت صوت حمار٢"، و: إذا له "بكاء بكاء ذات داهية"، فالمصدر الثاني فيهما فعل علاجي٣، واقع بعد جملة، وهي: "له صوت" و"له بكاء", وتلك الجملة مشتملة على اسم بمعناه، وهو المصدر الأول، ومشتملة أيضًا على صاحب المصدر، وهو: "الها" في "له" ولا صلاحية للمصدر الأول للعمل في المصدر الثاني؛ لأنه لا يحل محله فعل، لا مع حرف مصدري، ولا بدونه؛ لأن المعنى يأبى ذلك؛ لأن المراد: أنك مررت به في حال تصويت وبكاء, لا أنه أحدث التصويت والبكاء عند مرورك به، وإذا لم يصلح للعمل فيه تعين أن يكون منصوبًا بفعل محذوف وجوبًا، لتضمن الكلام معنى الفعل؛ لأن معنى "إذا له صوت": هو يصوت، فاتجه انتصاب ما بعده لصحة تقدير الفعل مكانه.

قال سيبويه٤: وإنما انتصب هذا؛ لأنك مررت به في حال تصويت، ولم ترد أن تجعل الآخر صفة للأول ولا بدلًا منه، ولكنك لما قلت: "له صوت" علم أن ثم مصوتًا، فصار قولك: "له صوت"، بمنزلة قولك: "فإذا هو يصوت" فحمل المصدر الثاني على المعنى. ا. هـ.


١ اللباب في علم الإعراب للإسفرائيني ص٧٨.
٢ شرح ابن الناظم ص١٩٦.
٣ بعده في "ب": "لأنه من أفعال الجوارح".
٤ الكتاب ١/ ٣٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>