"و" الشرط الخامس: "اتحاده بالمعلل به فاعلا"، بأن يكون فاعل الفعل وفاعل المصدر واحدًا، كقوله تعالى:{يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ}[البقر: ١٩] فـ"الحذر" مصدر، ذكر علة لجعل الأصابع في الآذان، وفاعل "الجعل" و"الحذر" واحد، وهم الكفار، فإن اختلف الفاعلان امتنع النصب "فلا يجوز: جئتك محبتك إياي"؛ لأن فاعل "المجيء" المتكلم، وفاعل "المحبة" المخاطب، وهذا الشرط "قاله المتأخرون أيضًا، وخالفهم ابن خروف" فأجاز النصب مع اختلاف الفاعل محتجا بنحو قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا}[الرعد: ١٢] . ففاعل "الإراءة" هو الله تعالى، وفاعل "الخوف" و"الطمع" المخاطبون، وأجاب عنه ابن مالك في شرح التسهيل فقال: معنى يريكم يجعلكم ترون، ففاعل الرؤية على هذا هو فاعل الخوف والطمع، وقيل هو على حذف مضاف، أي: إراءة الخوف والطمع. وجعل الزمخشري الخوف والطمع حالين١، واقتصر في النظم على بعض الشروط، ووكل الباقي إلى المثال فقال:
٢٩٨-
ينصب مفعولًا له المصدر إن ... أبان تعليلًا كجد شكرا ودن
٢٩٩-
وهو بما يعمل فيه متحد ... وقتا وفاعلا................
وبقي عليه شروط ماهية المفعول له، وقد ذكرها أبو البقاء في شرح اللمع لابن جني فقال: وللمفعول له شروط:
أحدها: أن يصلح في جواب "لِمَ".
الثاني: أن يصلح جعله خبرًا عن الفعل العامل فيه، كقولك:"زرتك طمعا في برك"، أي: الذي حملني على زيارتك الطمع، أو مبتدأ، كقولك:"الطمع حملني على زيارتي إياك".
الثالث: أن يصح تقديره باللام.
الرابع: أن يكون العامل فيه من غير لفظه، فلا يجوز أن تجعل زيارة في قولك:"زرتك زيارة" مفعولًا له؛ لأن المصدر هو الفعل في المعنى، والشيء لا يكون علة لوجود نفسه. ا. هـ.
"ومتى فقد المعلل" بكسر اللام الأولى؛ من شروط جواز النصب "شرطًا منها وجب عند من اعتبر ذلك الشرط أن يجره بحرف التعليل" وهو أربعة: "اللام، والباء