للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجر، والأكثر فيه أن يكون منصوبًا، وإنما كان جرا لمجرد قليلا بخلاف المقرون بـ"أل"؛ لأنه أشبه الحال لما فيه من البيان وكونه نكرة، وشاهد الكثير قوله تعالى: {وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا} [الأعراف: ٥٦] .

"و" النصب والجر "يستويان في المضاف"، فالنصب "نحو: {يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ} [البقرة: ٢٦٥] فـ"ابتغاء": مفعول له، هو مضاف منصوب "و" الجر "نحو: {وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} [البقرة: ٧٤] أي: لأجل خشية الله، فـ"خشية" مفعول له، وهو مضاف مجرور. "قيل ومثله" في جر المفعول له المضاف " {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ} " [قريش: ١] فـ"إيلاف" مفعول له مضاف مجرور باللام وهي متعلقة بـ"يعبدوا" "أي: {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ} [قريش: ٣] لإيلافهم الرحلتين" رحلة الشتاء إلى اليمن، ورحلة الصيف إلى الشام، ودخلت "الفاء" لما في الكلام من معنى الشرط، إذ المعنى: أن نعم الله عليهم لا تحصى، فإن لم يعبدوه لسائر نعمه فليعبدوه لأجل إيلافهم رحلة الشتاء والصيف اللتين كانوا محترمين فيهما؛ لأنهم خدمة بيت الله، بخلاف غيرهم فإنهم يخاف عليهم من القطاع والمنتهبين.

"والحرف" الجار "في هذه الآية واجب عند من اشترط" في نصب المفعول له "اتحاد الزمان" وهو الأعلم والمتأخرون؛ لأن زمن الإيلاف١ سابق على زمن الأمر بالعبادة؛ ولأن زمن العبادة مستقبل، وزمن الإيلاف ثابت في الحال. وقال الكسائي والأخفش٢: "اللام" في "لإيلاف" متعلقة بـ"اعجبوا" مقدرًا، وقال الزجاج٣: متعلقة بقوله تعالى: {فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} [الفيل: ٥] فتكون السورتان سورة واحدة، ويرجحه أنهما في مصحف أبي سورة واحدة، ويضعفه أن جعلهم كعصف إنما كان لكفرهم أو جرأتهم على البيت، والله أعلم بكتابه.

واختلف في ناصب المفعول له، فقال جمهور البصريين: منصوب بالفعل على تقدير لام العلة، وخالفهم الزجاج والكوفيون فزعموا أنه مفعول مطلق، ثم اختلفوا فقال الزجاج: ناصبه فعل مقدر من لفظه، والتقدير: جئتك أكرمك إكراما، وقال الكوفيون: ناصبه الفعل المقدم عليه؛ لأنه ملاق له في المعنى، وإن خالفه في الاشتقاق، مثل "قعدت جلوسًا"٤.


١ في "أ"، "ب": "لائتلاف".
٢ البحر المحيط ٨/ ٥١٤.
٣ معاني القرآن وإعرابه ٥/ ٣٦٥.
٤ انظر رأي البصريين والكوفيين في الارتشاف ٢/ ٢٢١، وهمع الهوامع ١/ ١٩٤, ١٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>