للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أحدهما: ألا يكترث بالصفة، بل يكون البدل كما يكون إذا لم تذكر الصفة، وذلك كقولك: "ما فيها رجل إلا أبوك صالح" كأنك لم تذكر صالحًا، هذا رأي سيبويه١.

والثاني: ألا يكترث بتقديم الموصوف. بل يقدر المستثنى مقدما بالكلية على المستثنى منه، فيكون نصبه راجحًا، وهذا اختيار المبرد٢.

وعندي أن النصب والبدل عند ذلك مستويان؛ لأن لكل واحد منهم مرجحًا فتكافآ. ا. هـ. فلو أوقعت المستثنى بين صفتي المستثنى منه، نحو: "ما مررت بأحد خير من زيد٣ إلا ابنك بر بوالديه" فظاهر٤ أن الخلاف قائم فليتأمل٥.

"وإن كان الاستثناء منقطعا" وهو ما لا يكون المستثنى بعض المستثنى منه بشرط ألا يكون ما قبل "إلا" دالا على ما يستثنى، فيجوز: "قام القوم إلا حمارًا"، ويمتنع: "قام القوم إلا ثعبانًا"، وفي ذلك تفصيل؛ فإنه تارة يمكن تسليط العامل على المستثنى، وتارة لا يمكن، "فإن لم يكن تسليط العامل على المستثنى وجب النصب" في المستثنى "اتفاقًا" من الحجازيين والتميميين٦، "نحو: ما زاد هذا المال إلا ما نقص"، فـ"ما" مصدرية، و"نقص" صلتها، وموضعهما نصب على الاستثناء. ولا يجوز رفعه على الإبدال من الفاعل؛ لأنه لا يصح تسليط العامل عليه. "إذ لا يقال: زاد النقص، ومثله" في القياس "ما نفع زيد إلا ما ضر، إذ لا يقال: نفع الضر".

وزعم السيرافي ومبرمان في حواشيه أن المصدر المنسبك من "ما" والفعل هنا في موضع رفع على الابتداء وخبره محذوف، تقديره: ما زاد هذا المال لكن النقصان شأنه، وما نفع زيد ولكن الضر شأنه. وزعم الشلوبين أن المصدر هنا مفعول به حقيقة تقديره: ما زاد المال شيئا إلا النقصان، ثم فرغه له، وجعله متصلًا. ورد بأنه لا نسبة بين النقصان والزيادة. وزعم ابن الطراوة أن "ما" زائدة واستغني عن الواو، كما في قولك: "ما قام زيد إلا وقعد عمرو"٧.


١ الكتاب ٢/ ٣٣٦.
٢ في المقتضب ٤/ ٤٠٠: "والقياس عندي قول سيبويه" وهذا الرأي يخالف ما نسبه المؤلف هنا.
٣ سقطت من "ب".
٤ في "ب"، "ط": "فالظاهر".
٥ بعده في "ط": "قاله الموضح في الحواشي".
٦ انظر الارتشاف ٢/ ٣٠٣, ٣٠٤.
٧ انظر ما زعمه السيرافي ومبرمان والشلوبين وابن الطراوة في الارتشاف ٢/ ٣٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>