للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الموضوع له "ها" المسماة بها التنبيه بالقصر، "فهنا" لتضمنها معنى الإشارة "مستحقة للبناء، لتضمنه"، أي لفظ هنا "لمعنى الحرف الذي كان يستحق الوضع"، لتؤدى به الإشارة. وعدل عن قول أكثرهم؛ لأنه كالتمني والترجي، إلى الخطاب والتنبيه، لكونهما يكتنفان الإشارة في بعض المواضع، نحو: "هذاك"، فوضعوا للتنبيه "ها"، وللخطاب "الكاف"، وتركوا الإشارة بلا حرف، فكانت تستحق أن يوضع لها حرف، كما وضع لما قبلها ولما بعدها.

"وإنما أعرب: هذان وهاتان"؛ من أسماء الإشارة "مع تضمنها لمعنى الإشارة لضعف الشبه بما عارضه من مجيئهما على صورة المثنى، والتثنية من خصائص الأسماء" وهذا القول ملفق من قولين، فإن من قال بأنهما معربان قال بتثنيتهما حقيقة، ومن قال بأنهما مبنيان، قال: جيء بهما على صورة المثنى، وليسا مثنيين حقيقة، وهو الأصح؛ لأن من شرط التثنية قبول التنكير، وأسماء الإشارة ملازمة للتعريف، كما ذكره في شرح الشذور١ ففي حالة الرفع وضعا على صيغة المثنى المرفوع، وفي حالتي الجر والنصب وضعا على صيغة المثنى المجرور والمنصوب، فقوله: أولا، وإنما أعرب هذان وهاتان، يقتضي أنهما مثنيان حقيقة كالقول الأول، وقوله: ثانيا، لمجيئهما على صورة المثنى، يقتضي أنهما ليسا بمثنيين حقيقة كالقول الثاني، وإذا جمع بين طرفي كلامه أنتج كونهما معربين مع عدم تثنيتهما، وهذا قول ثالث لم أقف عليه.

النوع "الثالث: الشبه الاستعمالي"، وهو أن يستعمل الاسم استعمال الحروف، وهو المراد بقول الناظم:

١٧-

وكنيابة عن الفعل بلا ... تأثر وكافتقار أصلا

"وضابطه" المنطبق على جزئياته "أن يلزم الاسم طريقة من طرائق الحروف" الدالة على المعاني، "كأن ينوب" الاسم "عن الفعل" في معناه وعمله، "ولا يدخل عليه عامل" من العوامل، "فيؤثر فيه" لفظا أو محلا، فأما قول زهير: [من الكامل]

١٦-

ولنعم حشو الدرع أنت إذا ... دعيت نزال ولج في الذعر


١ شرح شذور الذهب ص١٤٠.
١٦- البيت لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ٨٩، وإصلاح المنطق ص٣٣٦، والإنصاف ٢/ ٥٣٥، وخزانة الأدب ٦/ ٣١٧، ٣١٨، ٣١٩، والدرر ٢/ ٣٣٩، وشرح أبيات سيبويه ٢/ ٢٣١، وشرح شواهد الشافية ص٢٣٠، وشرح المفصل ٤/ ٢٦، والكتاب ٣/ ٢٧١، ولسان العرب ١١/ ٦٥٧، ٦٥٨ "نزل"، ١٢/ ١٨ "اسم"، وما ينصرف وما لا ينصرف ص٧٥، والمقتضب ٣/ ٣٧٠، وهمع الهوامع ٢/ ١٠٥، وبلا نسبة في خزانة الأدب ٤/ ٢٤٧، ورصف المباني ص٢٣٢، وشرح المفصل ٤/ ٥٠، ٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>