للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تقديم المحصور بـ"إلا" ليس ممتنعًا عند الجميع، كيف وقد قال الموضح في باب الفاعل في المحصور بـ"إلا": وأجاز البصريون والكسائي والفراء وابن الأنباري تقديمه على الفاعل، وأي فرق بين الحال والمفعول؛ لأن الاقتران بـ"إلا" يدل على المقصود، ويدفع الثاني بأن مخالفة الأكثر لا تضر، فإن تعدي "أرسل" باللام كثير، فصيح، واقع في التنزيل كقوله تعالى: {وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا} [النساء: ٧٩] وفصل الكوفيون فأجازوا تقديم الحال على صاحبها المجرور بالحرف إن كان مضمرًا كـ"مررت ضاحكة بك" أو اسمين أحدهما مجرور نحو: "مررت مسرعين بزيد وعمرو"، أو كان الحال فعلًا نحو: "مررت تضحك بهند"، ومنعوه إذا لم يكن كذلك. واحترز بقوله أولًا: "بحرف غير زائد" من الزائد، فإنه يجوز تقديم الحال على صاحبها المجرور به اتفاقًا، كما يجوز التقديم على الفاعل والمفعول نحو: "ما جاءني راكبًا من أحد"، و"ما رأيت راكبًا من أحد".

"وإما" مجرورًا "بإضافة" بمعنى مضاف، من إطلاق المصدر على اسم المفعول "كـ: أعجبني وجهها مسفرة", و" هذا شارب السويق ملتوتا", فلا يجوز تقديم الحال على صاحبها واقعة بعد المضاف لئلا يلزم الفصل بين المضاف والمضاف إليه، ولا قبله؛ لأن نسبة المضاف إليه من المضاف كنسبة الصلة من الموصول، فكما لا يتقدم ما يتعلق بالصلة على الموصول كذلك لا يتقدم ما يتعلق بالصلة على الموصول كذلك لا يتقدم ما يتعلق بالمضاف إليه على المضاف. قاله ابن الناظم١، وفصل والده في شرح التسهيل فقال٢: إن كانت الإضافة غير محضة جاز التقديم على المضاف نحو: "هذا ملتوتًا شارب٣ السويق" بالخفض؛ لأن الإضافة فيه في نية الانفصال، فلا يعتد بها، وإن كانت محضة لم تجز بإجماع، ونازعه أبو حيان في القسمين٤، ورد عليه الموضح ذلك في الحواشي، والاشتغال بذلك خروج عن المقصود.

"وإنما يجيء الحال من المضاف إليه إذا كان المضاف بعضه كهذا٥ المثال" المتقدم وهو:

أعجبني وجهها مسفرة. "وكقوله تعالى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا} " [الحجر: ٤٧] فـ"إخوانا": حال من المضاف إليه، وهو الهاء والميم، والصدور: بعضه وكقوله تعالى: " {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا} " [الحجرات: ١٢] فـ"ميتًا":


١ شرح ابن الناظم ص٢٣٧.
٢ شرح التسهيل ٢/ ٣٣٥.
٣ في جميع النسخ: "شارب ملتوتًا" والتصويب من الارتشاف ٢/ ٣٤٨.
٤ الارتشاف ٢/ ٣٤٨.
٥ في جميع النسخ: "هكذا"، والتصويب من أوضح المسالك ٢/ ٣٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>