للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"و" حرف التشبيه نحو "قوله" وهو امرؤ القيس: [من الطويل]

٤٤٠-

"كأن قلوب الطير رطبا ويابسًا" ... لدى وكرها العناب والحشف البالي

فـ"رطبًا" و"يابسًا" حالان من "قلوب"، والعامل فيهما "كأن" لما فيه من معنى "أشبه"، وليس فيه حروفه. فإن قلت: كيف يصح أن يكون "رطبًا" و"يابسًا" حالين من قلوب؟ قلت: على معنى قسمًا رطبًا، وقسمًا يابسًا وليس المراد بالرطب ولا باليابس الفرد، قاله الدماميني والضمير في "وكرها" يعود على العقاب، وصفها بأنها لا تأكل قلوب الطير، وشبه الرطب بالعناب، واليابس بالحشف البالي، وهو أرذل التمر اليابس، وهو تشبيه ملفوف، وهو أن يأتي بالمشبهين ثم بالمشبه بهما.

"و" حرف التمني نحو: "ليت هندًا مقيمة عندنا"، فـ"مقيمة" حال من "هند"، والعامل فيها "ليت"، لما فيها من معنى "أتمنى" دون حروفه، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:

٣٤٥-

وعامل ضمن معنى الفعل لا ... حروفه مؤخرًا لن يعملا

٣٤٦-

كتلك ليت وكأن....... ... ................................

"أو" يكون العامل "عاملا آخر" غير ما تقدم "عرض له مانع" يمنع ما بعده أن يعمل فيما قبله، "نحو: لأصبر محتسبًا"، فـ"محتسبًا": حال من فاعل "أصبر" المستتر فيه، "و: لأعتكفن صائمًا"، فـ"صائما": حال من فاعل "أعتكف" المستتر فيه، ولا يجوز في "محتسبًا" و"صائمًا" أن يتقدما على عاملهما، "فإن ما في حيز لام الابتداء"، وهو "محتسبًا"، "و" ما في حيز "لام القسم"، وهو "صائمًا" "لا يتقدم عليهما"، أي: على لام الابتداء ولام القسم؛ لأنهما من أدوات الصدور١ فلو فصلت اللام جاز التقديم نحو: "لعن زيد محتسبًا أصبر".

"ويستثنى من "أفعل" التفضيل ما" إذا كان عاملًا في حالين لاسمين متحدي المعنى أو مختلفيه، وإحداهما مفضلة على الأخرى، فإنه يجب تقديم الحال الفاضلة" خوف اللبس، فالأول: كـ: "هذا بسرًا أطيب منه رطبًا". قال ابن خروف:


٤٤٠- البيت لامرئ القيس في ديوانه ص٣٨، وشرح شواهد المغني ١/ ٣٤٢، ٢/ ٥٩٥، ٨١٩، والصاحبي في فقه اللغة ص٢٤٤، ولسان العرب ١/ ٢٠٦، "أدب" والمقاصد النحوية ٣/ ٢١٦، والمنصف ٢/ ١١٧، وتاج العروس "بال" وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٧/ ٦٤، وأوضح المسالك ٢/ ٣٢٩، ومغني اللبيب ١/ ٢١٨، ٢/ ٣٩٢، ٤٣٩.
١ الارتشاف ٢/ ٣٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>