للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسكون الياء، ثم دخل الجازم وهو إن الشرطية المتصلة بما الزائدة، فحذفت نون الرفع فصار: "فإما تري" بسكون الياء المفتوح ما قبلها، ثم أكد بالنون، فالتقى ساكنان؛ ياء المخاطبة ونون التوكيد، وتعذر حذف أحدهما، فحركت الياء بحركة تجانسها؛ وهي الكسرة؛ إلى آخر ما مر في "لتبلون". "و" نحو: " {وَلا تَتَّبِعَانِّ} " [يونس: ٨٩] أصله قبل التوكيد والنهي: "تتبعان" بتخفيف النون لرفع، فدخل عليه "لا" الناهية، فحذفت نون الرفع، فصار: "لا تتبعا" ثم أكد بالثقيلة، فالتقى ساكنان؛ الألف ونون التوكيد المدغمة، ولم يجز حذف الألف لئلا يلتبس بالواحد، ولا تحريكها لأنها لا تقبل الحركة، ولم يجز حذف النون لفوات المقصود منها، فحركت النون بالكسر تشبيها بنون التثنية الواقعة بعد الألف.

هذه أمثلة غير المباشرة لفظا، وأما غير المباشرة تقديرا فنحو: {وَلا يَصُدُّنَّكَ} [القصص: ٨٧] بضم الدال، أصله قبل التوكيد والنهي: "يصدونك"، حذفت النون للجازم وهو "لا" الناهية، فصار: "يصدوك"، ثم أكد بالثقيلة؛ فالتقى ساكنان؛ حذفت الواو لدلالة الضمة عليها، فصار: "لا يصدنك". فنون التوكيد وإن باشرت الفعل لفظا، إلا أنها لم تباشره في الأصل؛ لأن الواو المحذوفة فاصلة بينهما تقديرا، والضابط أن الفعل المضارع إن كان يرفع بالضمة، فإنه إذا أكد بالنون يبنى، وإن كان يرفع بثبات النون، فإنه إذا أكد بالنون يبقى على إعرابه لفظا أو تقديرا، لوجود الفاصل لفظا أو تقديرا. وقد تبين بما قررنا أن الإعراب التقديري في: {لَتُبْلَوُنَّ} [آل عمران: ١٨٦] خاصة بخلاف: {فَإِمَّا تَرَيِنَّ} [مريم: ٢٦] {وَلا تَتَّبِعَانِّ} [يونس: ٨٩] فإنه فيهما لفظي وذلك خلاف سياق كلامه.

"والحروف كلها مبنية" لأنها لا تتصرف ولا يعتقب عليها من المعاني ما تحتاج معه إلى إعراب، وهذه العبارة أحسن من قول الناظم:

٢١-

وكل حرف مستحق للبنا ... .............................

إذ لا يلزم من استحقاق البناء الاتصاف به، والبناء لغة: وضع شيء على شيء على صفة يراد بها الثبوت. وفي الاصطلاح: لزوم آخر الكلمة حالة واحدة على القول بأنه معنوي، وعلى القول بأنه لفظي، فقال ابن مالك: ما جيء به لا لبيان مقتضى العامل من شبه الإعراب، وليس حكاية أو اتباعا أو نقلا أو تخلصا من سكونين.

<<  <  ج: ص:  >  >>