للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"و" خرج باسم الفاعل القاصر "نحو: زيد كاتب أبوه، فإن إضافة الوصف" وهو "كاتب" "فيه" إلى الفاعل وهو "أبوه" "وإن كانت لا تمتنع" على قلة، "لعدم اللبس" بالإضافة إلى المفعول، لكون الكتابة لا تقع على الذوات، "لكنها" على قلتها "لا تحسن، لأن الصفة" الدالة على الثبوت "لا تضاف لمرفوعها حتى يقدر تحويل إسنادها عنه" أي عن مرفوعها "إلى ضمير موصوفها" فيستتر في الصفة "بدليلين:

أحدهما: أنه لم يقدر" الأمر "كذلك لزم إضافة الشيء إلى نفسه"، لأن الصفة نفس مرفوعها في المعنى، واللازم باطل، فالملزوم مثله.

"و" الدليل "الثاني: أنهم يؤنثون الصفة١" بالتاء "في نحو: هند حسنة الوجه"، فلو لم تكن الصفة مسندة إلى ضمير هند لذكرت كما تذكر مع المرفوع. قاله ابن عصفور: "فلهذا" التحويل "حسن أن يقال" في "زيد حسن وجهه" بالرفع: "زيد حسن الوجه" بالإضافة، فالحسن مسند إلى ضمير زيد، فيكون مسندًا إلى جملته بعد أن كان مسندًا إلى وجهه، وذلك حسن، "لأن من حسن وجهه حسن أن يسند الحسن إلى" جميع "جملتها مجازًا"، عن الإسناد إلى الجزء منه، فهو من الإسناد إلى الكل وإرادة البعض، فهو مجاز قريب، والباعث على ارتكابه غرض التخفيف.

قال ابن أبي الربيع٢: إذا قلت: مررت برجل حسن وجهه، حصل عدة أمور، كل اثنين منها بمنزلة شيء واحد، لأن الجار والمجرور كالشيء الواحد، وكذلك الصفة والموصوف، والفاعل والفعل، والمضاف والمضاف إليه، فلما أرادوا التخفيف لم يمكنهم أن يزيلوا من اللفظ إلا الضمير، فنقلوه وجعلوه فاعلا بالصفة فاستتر فيها، لأن الصفة حينئذ كأنها جارية على من هي له حيث رفعت ضميره، فحسن أن يقال ذلك "وقبح أن يقال" في "زيدٌ كاتبٌ أبوه": "زيدٌ كاتبُ الأب، لأن من كتب أبوه لا يحسن أن تسند الكتابة إليه إلا بمجاز بعيد" سرى من المضاف، إليه إرادة المضاف.

ووجه قرب الأول ويعد هذا أن الجزء بعض الكل، فيصح إطلاق كل منهما وإرادة الآخر، بخلاف الأبوة والبنوة، "وقد تبين" مما شرحناه "أن العلم بحسن٣ الإضافة" في٤


١ في "أ": "يؤنثون للصفة"، والتصويب من "ب", "ط".
٢ البسيط ٢/ ١٠٧٨.
٣ في "أ": "يحسن" والتصويب من "ب"، "ط"، وأوضح المسالك ٣/ ٢٤٧.
٤ في "ب": "من".

<<  <  ج: ص:  >  >>