للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والثاني: التزام حذف الخبر دون شيء يسد مسده.

وروي عن الأخفش قول ثالث موافق لقول سيبويه والجمهور، وذهب الفراء وابن درستويه إلى أن "ما" استفهامية، ونقله في شرح التسهيل١ عن الكوفيين، وهو موافق لقولهم باسمية "أفْعَلَ" فإن الاستفهام المشوب بالتعجب لا يليه إلا الأسماء نحو: {مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ} [الواقعة: ٢٧] .

والأصح ما ذهب إليه سيبويه وأصحابه، لأن قصد المتعجب الإعلام بأن المتعجب منه ذو مزية إدراكها جلي٢، وسبب الاختصاص بها خفي فاستحقت الجملة المعبر بها عن ذلك أن تفتتح بنكرة غير مختصة ليحصل بذلك إبهام متلو بإفهام، ولا شك أن الإفهام حاصل بإيقاع "أفعل" على المتعجب منه، إذ لا يكن إلا مختصًا، فتعين كون الباقي وهو "ما" مقتضيًا للإبهام.

"وأما: أفْعَلَ" بفتح العين "كـ: أحْسَنَ" ففيه خلاف، "فقال البصريون والكسائي" وهشام: "فعل" ماض "للزومه مع ياء المتكلم نون الوقاية، نحو: ما أفقرني إلى رحمه الله"، وما أحسنني إن اتقيت الله، "ففتحته" التي في آخره "بناء" لا إعراب، "كالفتحة في "ضرب" من" قولك: "زيد ضرب عمرًا، وما بعده" من الاسم المنصوب "مفعول به"، كما أن بعد "ضرب" من الاسم المنصوب مفعول به، فإعراب: ما أحسن زيدًا، مثل٣ إعراب: زيد ضرب عمرًا، حرفًا بحرف.

"وقال بقية الكوفيين" غير الكسائي وهشام: "أفْعَلَ" "اسم لقولهم" أي العرب "ما أحيسنه" وما أميلحه، بالتصغير، ولم يصغروا غيرهما، والتصغير من خصائص٤ الأسماء، "ففتحته" التي في آخره "إعراب" لا بناء "كالفتحة في" "عندك" من قولك: "زيد عندك، وذلك لأن مخالفة الخبر للمبتدأ" في المعنى "تقتضي عندهم نصبه" أي: نصب الخبر، بخلاف ما إذا كان الخبر هو المبتدأ في المعنى كـ: {اللَّهِ رَبِّنَا} [الشورى: ١٥] أو مشبهًا به نحو: {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب: ٦] فإنه يرتفع ارتفاعه. ولما كان مخالفًا له بحيث لا يحمل عليه حقيقة ولا حكمًا خالفه في الإعراب.


١ شرح التسهيل ٣/ ٣٢.
٢ بعدها في "أ": "خبر".
٣ سقطت من "ب".
٤ في "أ"، "ب": "خواص"، وأثبت ما في "ط".

<<  <  ج: ص:  >  >>